للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أبيات، وأرسله إلى معاوية (١).

[فصل في حديث قيس بن سعد بن عبادة وتوليته مصر]

قد ذكرنا أن أمير المؤمنين ولَّى قيس بن سعد مصر عَقيب قتلِ عثمان، وأنه دخلها، وأنهم افترقوا عليه، وتوقَّف أهلُ خَرِبْتا حتى يَتَّضح الأمر.

وحكى القصةَ هشام بن محمد، عن أبي مِخنَف، عن محمد بن يوسف بن ثابت، عن سهل بن سعد قال: لما قُتل عثمان وولي علي دعا قيس بنَ سعد بن عُبادة الأنصاري فقال له: سِرْ إلى مصر فقد وَلَّيتُكها، واجمع إليك ثقاتك، ومَن أحببتَ أن يَصحبَك، حتى تأتيها ومعك جُند، فإن ذلك أرْعَبُ لعدوِّك، وأعزُّ لسُلطانك، فإذا قَدمتَها فأحسنْ إلى المحسِن، واشْدُد على المريب، وارفُق بالعامَّة والخاصة، فإن الرِّفقَ يُمن، وقال (٢): أمّا الجُنْد فدَعْهم عندك عُدَّةً لك، وأمّا أنا فأسيرُ بنفسي وأهلِ بيتي، وبالله المستعان.

وخرج قيس في سبعة نَفَرٍ حتى دخل مصر، فصعِد المنبر، فقعد عليه، وقرأ كتاب عليّ على الناس، وفيه:

من عبد الله عليّ أميرِ المؤمنين إلى مَن بلغه كتابي هذا من المسلمين والمؤمنين، سلامٌ عليكم، أما بعد؛ فإني أحمَدُ إليكم الله الذي لا إله إلا هو، وأُصلِّي على رسوله محمد ، وذكر الأنبياء، وأن الله تَوفّى رسولَه، واستخلف بعده خليفتين صالحَين، عَمِلا بالكتاب والسنّة، وأحسنا السيرة، ثم توفّاهما الله على ما كانا عليه، ثم وَلي بعدهما وَالٍ أحدث أحداثًا، فوجَدَت عليه الأمة مقالًا، فنَقَموا عليه وغيَّروه، ثم جاؤوني فبايعوني، ولله عليّ العملُ بكتابه وسنَّةِ رسوله، والنُّصحُ للرعية بالغيب، والله المستعان.

وبعثتُ إليكم قيس بنَ سعد بن عُبادة أميرًا، فوازِروه وعاضِدوه، وأعينوه على الحق، وقد أمَرتُه بالإحسان إلى مُحسنِكم، والشدَّةِ على مُريبكم، والرِّفقِ بعوامّكم


(١) وقعة صفين ٥٧ - ٥٩، والأخبار الطوال ١٦٠ - ١٦١، والعقد ٤/ ٣٣٣ - ٣٣٤.
(٢) يعني قيس، كما في الطبري ٤/ ٥٤٨.