قال مقاتل: لما سخَّر الله لسليمان الشياطين وكَّل بهم ملكًا بيده سوط من نار، فمن زاغ منهم عن أمر سليمان ضربه فأحرقه، فذلك قوله: ﴿وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا﴾ [سبأ: ١٢]، أي: يميل ويعدل عن طاعته.
[فصل في عمارته بيت المقدس]
حدثنا جدي ﵀ قال: أنبأنا أبو المعمر المبارك بن أحمد الأنصاري بإسناده عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة ﵄ عن النبي ﷺ قال: "إنَّ مَكَّةَ بَلد عَظَّمهُ اللهُ وعَظَّمَ حرمَتَه، وحَفَّها بالملائكة قبل أن يَخْلُق شيئًا من الأرض كُلِّها بألف عام، وَوَصَلها بالمدينةِ، ووَصَل المدينةَ ببيتِ المَقْدِس، ثم خَلَق الأرضَ بعدُ بألفِ عامٍ خَلْقًا واحدًا".
وقال الوليد بن حماد بإسناده عن أبي عَمرو الشَّيباني قال: قال عليُّ بن أبي طالب كرَّم الله وجهه: كانت الأرض ماءً فبعث الله ريحًا فمسحت الأرض مسحًا، فظهرت على الأرض زبدة، فقسمها أربع قطع، خلق من قطعة مكة، ومن الثانية المدينة، ومن الثالثة بيت المقدس، ومن الرابعة الكوفة.
ذكر هذا الحديث والأثر جدي ﵀ في كتاب "فضائل بيت المقدس"، ثم روى عن كَعب الأحبار أنه قال: بنى سليمان بن داود بيت المقدس على أساس قديم كما بنى إبراهيم الكعبة على أساس قديم.
ثم قال جدي: وسكن الجبَّارون الأرضَ المقدسة فسلَّطَ الله عَليهم يُوشَع، ثم سلَّط الكفار على البيت المقدس فصيَّروه مزبلة.
ثم روى جدي بإسناده إلى ابن المسيب قال: أمر الله تعالى داود أن يبني بَيْت المقدس فقال: يا رب وأين أبنيه؟ قال: حيث ترى الملك شاهرًا سيفه، قال: فرآه في ذلك المكان، فأسَّس داود قواعده ورفع حائطه، فلما ارتفع انهدم، فقال داود: يا رب أمرتني أن أبني لك بيتًا فلما ارتفع هدمته، فقال: يا داود إنما جعلتك خليفتي في أرضي، لِمَ أخذته من صاحبه بغير ثمن؟ إنما يبنيه رجل من ولَدِك. فلمَّا قام سليمان: ساوَم صاحب الأرض عليها، فقال له: هي بقنطار، فقال سليمان قد استوجبته، فقال له صاحب الأرض: هي خير أو ذاك؟ فقال: بل هي خير، قال: فإنه قد بدا لي، قال: