للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولَيسَ قد أوجبتها؟ قال: بلى، ولكن البيِّعين بالخيار ما لم يفترقا. قال ابن المبارك: فهذا أصل الخيار. قال: فلم يزل يرادُّه حتى استوجبها منه بِسَبعة قناطير، فبناه سليمان حتى فرغ منه، وتَغلَّقت أبوابه فعالجها سليمان أن يفتحها فلم تنفتح، حتى قال في دعائه: بصلواتِ أبي داود إلا انفتحت الأبواب، فتفتحت، ففرَّغ له سليمان عشرةَ آلافٍ من قُرَّاء بني إسرائيل، خمسة آلاف بالليل وخمسة آلاف بالنهار، لا تأتي ساعة من ليل ولا نهار إلا والله ﷿ يُعبد فيه.

قال جَدي عن الوليد عن أبي عمرو الشيباني: أوحى الله إلى داود إنك لن تتم بناء بيت المقدس، فقال: أي يا رب، ولم؟ قال: لأنك غمستَ يدك في الدماء أو الدم. قال: يا ربِّ، ألم يكن ذلك في طاعتك؟ قال: بلى، وإن كان.

وروى جدي أيضًا عن كعب الأحبار قال: لما ولي سليمان أَمَره الله ببناء بيت المقدس، فبناه، فلما دخله خرَّ ساجدًا شكرًا لله تعالى، فقال: يا رب، من دخله من خائف فأمِّنه، أو من داع فأجبه، أو مستغفرًا فأغفر له. فذبح أربعة آلاف بقرة وسبعة آلاف شاة، وصنع طعامًا ودعا بني إسرائيل إليه. وفي رواية: إن الله أوحى إلى داود: ابنِ لي بيتًا، فبنى لنفسه بيتًا قبل ذلك، ثم بناه فسقط (١).

وروي: أن داود أراد أن يأخذ بيت رجل فيُدخله فيه، قال سعيد بإسناده عن أُبَى بن كعب عن رسول الله قال: أَوحَى الله إلى داودَ: أن ابنِ لي بَيتًا أُذكَرُ فيه، فخَطَّ له مِن هذِه الخطة- خطةِ بيت المقدِسِ- فإذا تربيعُها يزويه بيتُ رجلٍ من بني إسرائيلَ، فسأَله داودُ أن يبيعَه إيَّاه فأبى، فحدَّث نفسه داودُ أن يأخذَه منه، فأوحَى الله إليه: يا داودُ، أمرتُك أن تَبنِي لي بَيتًا أُذكَر فيه، فأرَدتَ أن تُدخل في بيتي الغَصب، وإنَ عقوبتَك أن لا تبنيه. قال: يا رب، يبنيه من وَلَدي؟ قال: نعم" (٢). وسنذكر الحديث في ترجمة العباس في سنة اثنتين وثلاثين.

وروىَ جدي أيضًا عن أبي عبد الملك الجَزَري قال: لما خلا من مُلكِ سليمان مدةً


(١) ما سلف كله في فضائل بيت المقدس المطبوع باسم: فضائل القدس ٧٢ - ٧٦.
(٢) أخرجه ابن سعد في طبقاته ٤/ ١٩.