للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم نزّل أصحابَه على مَقاديرِهم، وأسنى أرزاقَهم، ورفَع منازلَهم، واستَحْجَبه العزيز، وجعله من خاصَّته، ثم بعث العزيز النُّجُب (١) بالكُتب، فلَحِقوا الحسنَ بنَ أَحْمد القِرمطي بطبريَّة، فأعادوا عليه الرسائل، وأن العزيز قد عما عما جرى، وسأله أن يَطأ البِساط فامتنع، وتقرَّر الحالُ على أنَّه يَدخل في طاعة العزيز، وأن يحمل إليه في كل سنة سبعون أَلْف دينار، فرضي، وعَجَّل له برِزقِ سنةٍ، فأخذه، وعاد إلى هَجَر.

ورجع العزيز إلى القاهرة، وأنزل الهفتكين في دار عظيمة، ونقل إليها الآلات والمال والتُّحَف، وسَلَّم إليه بابَه وحِجابتَه، وشرع الهفتكين في التكبُّر على وزير العزيز يعقوب، ولم يلتفت إليه، فدَسَّ إليه الوزير مَن سَقاه السمَّ فمات، فحزن عليه العزيز، واعتقل الوزير نَيِّفًا وأربعين يومًا، فأُنكرت الأموال فأَطْلَقَه (٢).

وفي رمضان ورد تابوتُ حَمدان بن ناصر الدولة إلى بغداد، فدُفِن في مقابر قريش، وُجد مقتولًا في بعض القِلاع [ولا يُعْرَف له قاتلٌ]. وحجَّ بالنَّاس أبو عبد الله العَلَويّ.

وفيها تُوفِّي

أَحْمد بن جعفر

ابن حَمدان بن مالك بن شَبيب، أبو بكر، القَطِيعيّ، البغدادي.

ولد في المحرَّم سنة أربع وسبعين ومئتين.

كان عبد الله بن الإِمام أَحْمد بن حنبل يأتي إلى منزل القَطِيعيّ وهو صغير، فيُقْعِده في حجره ويُسمعه، فتقول أُمُّه وهي بنت أخي أبي عبد الله الجَصَّاص: أَبا عبد الرَّحمن إنه يؤلمك؟ يعني: قُعوده في حجرك، فيقول عبد الله: إنِّي أُحبه.

وتوفي وقد جاوز التسعين، ودُفن قريبًا من الإِمام أَحْمد (٣).


(١) الإبل أو الخيل القوية السريعة الخفيفة العدة للبريد.
(٢) انظر تاريخ دمشق لابن القلانسي ٣١ - ٣٧، والكامل ٨/ ٦٥٦ - ٦٦١، وتاريخ الإِسلام ٨/ ١٨٨ - ١٩٠.
ومن قوله: ذكر حصول والدة عز الدولة عند هفتكين … إلى هنا ليس في (ف م م ١).
(٣) تاريخ بغداد ٥/ ١١٦، والمنتظم ١٤/ ٢٦٠، وتاريخ الإِسلام ٨/ ٢٨٢، والسير ١٦/ ٢١٠. ومن قوله: وحج بالنَّاس أبو عبد الله العلوي … إلى هنا ليس في (ف م م ١).