السلطان إصلاحُ الفريقين، وأُلقيت النيرانُ في المحال، وزاد الأمرُ والنَّهبُ، فقال القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي: أهل الكَرْخ طائفة نشأت على سبِّ الصحابة، وليس للخلافة عليها أمرٌ، ولقد أذكر وأنا أحمل رقاع القادر وهي بخطِّ ابن حاجب النعمان إلى الشريف الرضي فلا يقرؤها، ويقول: إن كانت لكَ حاجةٌ قضيتُها. وبلغ الخليفةَ، فعزَّ عليه، وتقدَّم إلى قاضي القضاة أن لا يسمع شهادةَ التنوخي، ثم رضي عنه، فتعجَّب الناسُ من الإنكار عليه في أمر ظاهر.
وفيها هبَّتْ رِيحٌ سوداءُ ببغداد، فأظلمت الدنيا، وقُلِعَتْ رواشنُ دار الخلافة (١) ودارُ المملكة ودورُ الناس، وقلعَتْ من الشجر والنخل شيئًا كثيرًا، [فلو دامت ساعةً لمات الناس، ودَرست آثار بغداد].
وفيها نزل طُغْرُلْبَك الريَّ، ولم يتيقَّنْ وفاةَ أبي كاليجار، فأقام يفحص عن ذلك.
وفيها لمَّا بَعُدَ طُغْرُلْبَك عن نيسابور دخل مودود بن مسعود الهندَ وغزا، ووصل إلى الأماكن التي وصل إليها جدُّه، وكتب إليها جدُّه، وكتب إلى الخليفة بذلك.
ولم يحجَّ أحد من خراسان ولا العراق.
وفيها تُوفي
[أحمد بن حمزة]
ابن محمد [بن حمزة] بن خزيمة، أبو إسماعيل، الهروي، الصوفي، ويُعرف بعمُّويه، وُلدَ سنة سبع وأربعين وثلاث مئة، وكان شيخ الصوفية بهَراة، سمع الكثير بالعراق والشام، وتوفي بهَراة في رجب، وأنشد بطرابلس المرشديُّ إسماعيل بن أحمد:[من الطويل]
يُعيِّرني قومي على المَلْبسِ الدُّونِ … وما أنا فيما قد لبستُ بمغبونِ