للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخطب عند انقضاء رمضان فقال: كأنَّ كبدًا لم تظمأ، وعينًا لم تسهر، ذهبَ واللهِ الظمأُ والسهر، وبقيَ الأجرُ. فيا ليتَ شِعري! مَن المقبولُ منَّا فنُهنِّئَه، ومَن المطرودُ منَّا فنُعزِّيَه. فيا أيُّها المقبولُ هنيئًا هنيئًا، ويا أنها المطرود جَبَرَ الله مُصابَك. ثم بكى وأبكى (١).

وكان فصيحًا، وله إلى عمر بن عبد العزيز مُكاتبات مشهورة، وكذا لعمر إليه.

[فحكى جدّي قال:] كتب عمر إلى عديّ أنْ عليك بأربع ليال في السنة، فإنَّ الله يُفرغُ فيهنَّ الرحمة إفراغًا: ليلةِ رجب، وليلةِ النصفِ من شعبان، وليلتي العيدين (٢).

وقال رجاء بن حَيوة: بلغَ عمرَ عنه شيءٌ، فكتبَ إليه: أمَّا بعدُ، يَا عديّ، فإنك غَرَرْتَني بعمامك السوداء، وإرسالك لها من وراء ظهرك، ومجالستك القُرَّاء، أظهرتَ لي الخير، فأحسنتُ بك الظَّنَّ، وقد أظهرَنا اللهُ على كثير مما كنتمُ تكتمون. وإني أُذَكّرُك ليلةً تَمَخَّضُ بيوم القيامة، فريقٌ في الجنة، وفريقٌ في السعير (٣).

أسند عديّ الحديث عن جماعة من الصَّحَابَة، منهم عَمرو بنُ عَبَسة، وأبو أُمامة، وروى عنه بكر بن عبد الله المُزَنيّ، وغيرُه، وكان ثقةً (٤).

[يزيد بن [أبي] مسلم]

كاتبُ الحجَّاج، وكُنيتُه أبو العلاء، مولى لثَقِيف، استكتَبَهُ الحجَّاج، وكان على نمط الحجَّاج في الجبروت والمظالم وسفك الدماء، وكان يرى رأيَ الخوارج الصُّفْرِيَّة.

ولما مات الحجَّاج أقرَّه الوليد على العراق أربعة أشهر، ووليَ سليمانُ فعزلَه وولَّى يزيدَ بنَ المهلَّب العراق، فقيَّده وبعثَ به إلى سليمان في حالة رثَّة، وكان سليمان


(١) تاريخ دمشق ٤٧/ ٦٠. ولم يرد هذا الكلام في (ص).
(٢) التبصرة ٢/ ٢١. والكلام السالف بين حاصرتين من (ص).
(٣) تاريخ دمشق ٤٧/ ٦٤ دون قوله: وإني أذكّرك … إلخ، فقد ورد في خبر آخر فيه ص ٦١. وقوله: فريق في الجنة وفريق في السعير، اقتباس من الآية (٧) من سورة الشورى.
(٤) تاريخ دمشق ٤٧/ ٥١، وتهذيب الكمال ١٩/ ٥٢٠. وسلف خبر مقتله آخر الترجمة السابقة.