للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يكن بعد الإمام أحمد أحفظ منه، شاع عنه أنَّه كان يحفظُ ثلاثَ مئة ألف حديث، وتوفي في جمادى الآخرة (١).

أسند عن عبد الله بن المبارك وغيره، وروى عنه البخاريُّ ومسلم وغيرهما.

وغَلبتْ عليه اليبوسة، فقال الطبيب: غلِّفُوا رأسَه بالفالوذج، فغلَّفُوه، فتناوله من رأسه فأكله، وقال: بطني أحوجُ إلى هذا من رأسي.

وقال عبدُ الله بن محمد بن الورَّاق (٢): جئنا إلى أحمد بن حنبل، فقال: من أين جئتم؟ قلت: من مجلس أبي كُريب، فقال: اكتبوا عنه، فأنَّه شيخٌ صالحٌ، فقلنا: فإنَّه يطعنُ عليك، فقال: فأيُّ حيلةٍ لي، شيخٌ صالح قد بُلِي بي.

وأوصى أن تدفنَ كتبُه، فدفنت.

[محمد بن أبي العتاهية]

أبو عبد الله الشاعر، ويلقب عتاهية، كان زاهدًا عفيفًا طَاهر اللسان، حذا حذو أبيه في القول والزهد، ومن شعره يقول: [من السريع]

لربما غُوفِصَ (٣) ذو شِرَّةٍ … أصحَّ ما كان ولم يَسْقَمِ

يا واضعَ الميِّتِ في قبره … خاطبكَ اللحدُ فلم تفهمِ

وقال أيضًا: [من مخلَّع البسيط]

قد أفلح الساكتُ الصموتُ … كلامُ راعي الكلام قوتُ

ما كلُّ نطقٍ له جواب … جوابُ من (٤) يُكرهُ السكوتُ

يا عجبًا لامرئٍ ظَلُومٍ … مُستيقنٍ أنَّه يموتُ

* * *


(١) لكن في سنة ثمان وأربعين ومئتين. وقيل: مات سنة سبع وأربعين. قال المزي: وهو وهم. تهذيب الكمال ٢٦/ ٢٤٨، وانظر تاريخ دمشق ٦٤/ ١٠٩ - ١١٠، ١١٣ (طبعة مجمع اللغة)، وتاريخ الإسلام ٥/ ١٢٣٩، وسير أعلام النبلاء ١١/ ٣٩٦.
(٢) في تاريخ دمشق ٦٤/ ١١٢: عبد الله بن محمد الوراق.
(٣) غافصه أي: أخذه على غرَّة. مختار الصحاح (غفص).
(٤) في تاريخ بغداد ٢/ ٣٥٨، والمنتظم ١١/ ٣٢٦: ما.