للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الرابعة والسبعون]

فيها كتبَ عبدُ الملك إلى الحجّاج يأمرُه بنقض الكعبة وإعادتها إلى ما كانت عليه، فكتب الحجاج إليه: يا أمير المؤمنين إن البناء الذي وضعَه ابنُ الزُّبير قد وقفَ عليه العُدول من أهل مكة. فكتب إليه [عبد الملك]: لسنا من تلطيخ ابنِ الزُّبير في شيء. فنقضَ الحجاجُ الكعبة. وأعادها إلى البناء الأول [الذي] هو قائم اليوم (١).

وفيها ولَّى عبدُ الملك الحجَّاجَ المدينةَ مضافًا إلى مكة (٢) والطائف.

وقيل: إنما ولَّاه إيَّاها بعد قتل ابن الزبير، فأقام بها شهورًا (٣) بعد عزل طارق [بن عمرو]، ثم خرجَ إلى مكة معتمرًا، وانصرف إلى المدينة في صفر من هذه السنة، فأقام بها ثلاثة أشهر يعبثُ بأهلها، ويستخفُّ بهم وبأصحاب رسول الله .

حدَّثَ ابنُ أبي ذئب أنه رأى (٤) جابرَ بن عبد الله مختومًا في يده بالرَّصاص. وقيل: في عنقه.

وحدَّثَ إسحاقُ بن يزيد أنه رأى أنس بنَ مالك مختومًا في عنقه، يريد أن يُذِلَّه بذلك.

ودعا سهلَ بنَ سعد، فقال: ما منعك أن تنصر أميرَ المؤمنين عثمان؟ فقال: قد فعلتُ. فقال: كذبتَ. ثم أمرَ به فخُتم في عنقه برصاص (٥). فقال أنس بن مالك: إن أهل الذِّمَّة لا يجوزُ أن يُفعل بهم مثلُ هذا! (٦).


(١) ينظر "صحيح" مسلم (١٣٣٣): (٤٠٢)، و "تاريخ" الطبري ٦/ ١٩٥. وما سلف بين حاصرتين من (م). قال ابن كثير في "البداية والنهاية" ١٢/ ٢٢٩: الحجّاج لم ينقض بنيان الكعبة جميعه، بل هدمّ الحائطَ الشاميَّ حتى أخرج الحِجْرَ من البيت، ثم سدَّه، وأدخل في جوف الكعبة ما فضل من الأحجار، وبقيت الحيطان الثلاثة بحالها … وينظر تتمة كلامه.
(٢) في (م): الحجاز.
(٣) في (م): شهرًا.
(٤) في "تاريخ" الطبري ٦/ ١٩٥: ذكرَ محمَّد بنُ عمران بن أبي ذئب حدَّثَه عمَّن رأى … الخ.
(٥) تاريخ الطبري ٦/ ١٩٥.
(٦) لم أقف على هذا القول.