[ذكر من مدحها]
قال يونس بن عبد الأعلى: قال لي الشافعي: يَا أَبا موسى، رأيت بغداد؟ قلت: لا، قال: ما رأيتَ الدنيا (١).
وقد مدحها جماعة من الشعراء، وقال طاهر بن المظفَّر بن طاهر الخازن شعرًا ينشده: [من الطَّويل]
سقى الله صَوْبَ الغاديات محلَّةً … ببغدادَ بين الكَرْخ فالخُلْد فالجسرِ
هي البلدةُ الحسناء خُصَّت لأهلها … بأشياءَ لم يُجمعن مذ كنَّ في مصرِ
هواءٌ رقيقٌ في اعتدالٍ وصحَّةٍ … وماءٌ له طعمٌ ألذُّ من الخَمْرِ
ودَجلتُها شَطَّان قد نُظما لنا … بتاجٍ إلى تاجٍ وقصرٍ إلى قصرِ
تراها كمسكٍ والمياه كفضَّةٍ … وحَصباؤها مثلَ اليواقيتِ والدُّرِّ
وقال أبو محمَّد: [من الوافر]
على بغدادَ مَعْدنُ كلِّ طِيبٍ … ومَغنى نُزهَة المتنزِّهينا
سلامٌ كلما جَرحَت بلَحْظٍ … عيونُ المشتهين المشتهينا
دخلنا كارهين لها فلما … ألِفناها خرجنا مُكرَهينا
وما حبُّ الديار بنا ولكن … أَمَرُّ العيش فُرقةُ مَن هَوينا
وقال محمَّد بن الهمذاني: [من الطَّويل]
فدًى لكِ يَا بغداد كلُّ مدينة … من الأرض حتَّى خِطَّتي وبلاديا
فقد طفتُ في شرق البلاد وغربها … وسَيَّرتُ خيلي بينها ورِكابيا
فلم أر فيها مثلَ بغدادَ منزلًا … ولم أر فيها مثلَ دجلة واديا
ولا مثل أهليها أرقَّ شمائلًا … وأعذبَ ألفاظًا وأحلى معانيا
وكم قائلٍ لو كان وُدُّكَ صادقًا … لبغدادَ لم ترحل فكان جوابيا
يقيم الرجال الأغنياء بأرضها … وترمي النَّوى بالمُقتِرين المراميا
وقال علي بن محمَّد بن حَبيب: كتب إلي أخي من البصرة وأنا ببغداد: [من البسيط]
(١) تاريخ بغداد ١/ ٢٩٢، ٣٤٧، والمنتظم ٨/ ٨٤.