وأنت على الأوَّل، فقال: إي والله، قال: قد أقلتُك. وكان قد استوجبَ رزقَ عشرة أشهر، فقال له المهدي: فخذ ما لك عندنا من الرزق، فقال: والله ما بي عنه من غنى، ولكنّ إخواني كانوا يكرهونَ هذا، ولي بهم أُسوة، ولم يأخذ شيئًا مِمَّا أَمَر له المهديُّ من الرزق. انتهى.
وفيها توفي
[إبراهيم بن أدهم]
ابن منصور بن يزيد بن جابر التميمي العجلي، أبو إسحاق البلخي، وأصله من كورة بلخ، من أبناء الملوك.
ذكر مولده:
روى الحافظ ابن عساكر عن إبراهيم بن شمَّاس قال [سمعت الفضل بن موسى يقول](١): حجَّ أدهم أبو إبراهيم، ومعه أمُّ إبراهيم، وكانت حبلى به، فولدت إبراهيم بمكة، فطافَ به أبوه حولَ البيت ودار به على الحلق في المسجد وقال: ادعو الله لولدي أن يجعلَه ولدًا صالحًا.
وعاد به إلى بلخ، فنشأَ به إلى حين ما ترك الدنيا.
واختلفوا في سبب تركه الدنيا وإقباله على الآخرة على وجوه:
أحدها ما قرأتُه على شيخنا الموفق عبد الله بن أحمد المقدسي ﵀ في كتاب "التوابين" قال: حدثنا محمد بن عبد الباقي بإسناده عن محمد بن إسحاق السرّاج قال: سمعتُ إبراهيم بن بشار خادم إبراهيم بن أدهم يقول: قلت: يا أبا إسحاق، كيفَ كان أوائل أمرك؟ قال: كان أبي من أهل بَلخ، وكان من ملوك خُراسان، وحُبِّبَ إلينا الصيدُ، فخرجتُ راكبًا فرسي، وكلبي معي، فبينما أنا كذلك، ثار أرنب أو ثعلب، فحرَّكتُ فرسي، فسمعتُ نداءً من ورائي: ليس لهذا خُلِقْتَ، ولا به أمرت، فوقفتُ انظر يَمْنةً وَيسْرةً، فلا أرى أحدًا، فقلت: لعنَ الله إبليس، ثم حرَّكتُ فرسي فأسمع نداء أجهر من ذلك: يا إبراهيم، ما لهذا خلقت، ولا به أمرت، فلعنت إبليس، فسمعتُ