للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نداءً من قربوس سرجي يقول ذلك، قال: فقلت: أُنبِهت أُنبِهت، جاءني نذيرٌ من ربِّ العالمين، والله لا عصيتُ الله بعد يومي هذا ما عصمني ربِّي.

فرجعتُ إلى أهلي، ثم جئتُ إلى أحد رعاةِ أبي، فأخذتُ منه جُبَّةً وكساء، وألقيتُ إليه ثيابي، ثم أتيتُ العراق، تخفضُني أرض وتضعُني أخرى، فعملت أيَّامًا، فلم يصفُ لي الحلال، فقيل لي: عليك بالشام؛ فإنَّ الحلال الصافي بطرَسُوس، فقصدتُها أحصدُ مع الحصَّادين (١).

وسنذكرُ تمام الحكاية.

وفي رواية ابنِ بشار أيضًا (٢) أنَّه سُئِل عن إبراهيم فقال: كان أبوه من أبناء الأشراف، وكان أبوه كثيرَ المال والخدم، فخرج إبراهيمُ يومًا إلى الصيد مع الغلمان ومعه البُزَاة والصقور، فركضَ فرسه، وإذا بصوتٍ من فوقه: يا إبراهيم، ما هذا العبث؛؟ ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا﴾ الآية، اتَّقِ الله وعليك بالزاد ليوم الفاقة، فنزل عن دابته، وأخذ في عمل الآخرة.

وفي رواية: صادفَ راعيًا فأخذ جبَّته وأعطاه ثيابَه وفرسه، وفارقَ غلمانَه وأتى مكَّة فصحبَ بها سفيان الثوري والفضيلَ بن عياض، ثمَّ أتى الشام فأقام بطرسوس، وأنَّه صادف داود في بعض البراري، فعلَّمه الاسمَ الأعظم، فدعا به، فرأى الخضرَ ، فقال له: إنِّي لقيتُ رجلًا ولم أعرفه، علَّمني الاسمَ الأعظم، فقال: ذاك أخي داود (٣).

والوجه الثاني قرأته أيضًا على شيخنا الموفَّق من "التوابين" قال: حدَّثنا أبو بكر عبدُ الله بن محمد بن أحمد بن النَّقُّور بإسناده عن عبد الله بن الفرج العابد قال: حدَّثني إبراهيم بن أدهم بابتدائه كيف كان، قال: كُنْتُ جالسًا يومًا في منظرةٍ لي إلى الطريق، وإذا بشيخٍ عليه أطمَار، وكان يومًا حارًّا، فجلسَ في [ظلِّ] (٤) القصر ليستريح، فقلت


(١) انظر تمام الخبر في التوابين ص ١٧٤ - ١٧٥.
(٢) الخبر في تاريخ دمشق ٢/ ٣٧٣ (مخطوط) من رواية يونس بن سليمان البلخي. وانظر صفة الصفوة ٤/ ١٥٢.
(٣) انظر تاريخ دمشق ٣/ ٣٧٢ - ٣٧٣.
(٤) ما بين حاصرتين من التوابين ص ١٧٧.