للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشيتها مشية رسول الله فقال: "مَرحبًا بابنَتي" ثم أجلسها عن يمينه، أو عن يساره، ثم إنه أسر إليها حديثًا، فبَكَت، ثم أسرَّ لها حديثًا، فضحكَت، فقلت لها: ما رأيت كاليوم فرحًا أقربَ من حزن، ما الذي أسرَّ إليك؟ فقالت: ما كنت لأُفشي سرَّ رسول الله ، حتى إذا قُبض سألتها، فقالت: إنَّه أسرَّ إليَّ: "أنَّ جبريل كان يُعارضُني بالقرآنِ في كلِّ عامٍ مرَّةً، وإنَّه عارضَني العامَ مرَّتينِ، ولا أَراه إلا قد حَضَر أَجلي، وإنَّك أَول من يَلحقُني من أهل بيتي، ونعم السَّلف أنا لكِ" فبكيتُ لذلكِ، ثم قال: "ألا تَرضي أن تكوني سَيدة نساءِ هذه الأُمة [أو سيدة نساء المؤمنين] "، فضحكت لذلك. [أخرجاه في "الصحيحين"، وليس لفاطمة في الصحيح غيره (١).

وقال هشام ابن الكلبي، عن أبيه، عن أبي صالح عن] ابن عباس: دخلت فاطمة على رسول الله في مرضه، فجعلت تبكي، وتقول: بأبي أنت وأمي، وأنت والله كما قال القائل:

وأبيضُ يُستسقى الغمامُ بوجهه

فأفاق، وقال: "هذا قولُ عمَّك أبي طالبٍ" ثم قرأ: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ﴾ الآية [آل عمران: ١٤٤]، ثم قال: "وَاكَرباهُ" فقالت: واكربَ أبَتاه، فقال لها: "لا كَربَ على أبيكِ بعدَ اليومِ".

ذكر صلاة أبي بكر بالناس وما يتعلق بمرض رسول الله -:

[قد روت عائشة في هذا الباب حديثًا طويلًا جامعًا كثير الروايات، قال أحمد: حدَّثنا عبد الرحمن بن مهدي، بإسناده، عن] عبيد الله بن عبد الله قال: دخلتُ على عائشة، فقلت لها: ألا تحدثيني عن مرض رسول الله ؟ فقالت: بلى، ثقل رسول الله فقال: "صَلَّى الناسُ؟ " فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، فقال: "ضَعُوا لي ماءً في المِخْضَب" ففعلنا، فاغتسل، وذهب ليَنُوءَ، فأُغمي عليه، ثم أفاق، فقال: "أَصَلَّى الناسُ؟ " قلنا: هم ينتظرونك، فقال: "ضَعُوا لي ماءً في المِخْضَب"، فوضعناه له، فاغتسل، ثم ذهب ليتوضأ فأُغمي عليه، فعل ذلك ثلاثًا، وفي كلِّ مرة يغمى عليه،


(١) مسند أحمد (٢٦٤١٣)، وصحيح البخاري (٣٦٢٣)، وصحيح مسلم (٢٤٥٠).