للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والناس عُكُوف في المسجد ينتظرونه لصلاة العشاء، فأرسل رسول الله إلى أبي بكر أن يصلِّي بالناس، وكان أبو بكر رجلًا رقيقًا، فقال: يا عمرُ، صلَّ بالناس، فقال له عمر: أنتَ أحقُّ بذلك، فصلى بهم أبو بكر تلك الأيام، ثم إنَّ رسول الله وجدَ خفَّةً، فخرج بين رجلين أحدهما العباسُ لصلاة الظهر، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخَّر، فأومأ إليه أَن لا يتأخَّر، وأمرهما فأجلساه إلى جنبِه، فجعل أبو بكر يصلَّي قائمًا، ورسول الله يصلَّي قاعدًا، قال: فدخلت على ابن عباس، فقلت: أَلَا أعرضُ عليك ما حدثتني به عائشة عن مرض رسول الله ؟ قال. هات، فحدثته، فما أنكَرَ منه شيئًا، غير أنه [قال: أسمت لك الرجل الذي كان مع العباس؟ قلت: لا] قال: هو عليٌّ (١).

[طريق آخر:

قال أحمد بإسناده، عن الأسود، عن عائشة قالت: لما ثقل رسول الله جاء بلال يُؤْذنه بالصلاة، فقال: "مُرُوا أَبا بكرٍ فَلْيُصلَّ بالناسِ" قالت: فقلت: يا رسول الله، إن أبا بكر رجل أسيف، وإنه متى يقوم مقامك لا يُسمعُ الناس، فلو أمرت عمر، فقال: "مُرُوا أبا بكرٍ فَلْيُصلِّ بالناسِ" قالت: فقلت لحفصة: قولي له مثل ما قلتُ له، فقال: "إنَّكنَّ لأنتنَّ صَوَاحبُ يوسف، مُرُوا أبا بكرٍ فَلْيُصلِّ بالناس" قالت: فأمروا أبا بكر فصلى بالناس، فلما دخل في الصلاة، وجد رسول الله من نفسه خِفَّةً، فقام يهادَى بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض حتى دخل المسجد، فلما سمع أبو بكر حسَّه ذهب ليتأخر، فأومأ إليه رسول الله أن قم كما أنت، وجاء رسول الله فجلس عن يسار أبي بكر، وكان رسول الله يصلي قاعدًا وأبو بكر قائمًا يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله والناس يقتدون بصلاة أبي بكر (٢).

والأسيف: السريع الحزن والبكاء].

وقال عبد الله بن زمعة: دخلتُ على رسول الله أعودُه، فقال: "يا عبدَ اللهِ، مُرِ النَّاسَ بالصلاةِ" فخرجتُ فرأيتُ رجالًا، لم أُكلمهم حتى رأيتُ عمرَ، فقلت: صل بالناس، فلما كبر سمع رسول الله تكبيره، فأخرج رأسه من حجرته، وقال: "لا لا


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٦١٣٧)، والبخاري (٦٨٧)، ومسلم (٤١٨).
(٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٥٧٦١)، والبخاري (٦٦٤)، ومسلم (٤١٨) (٩٦).