للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علي بن هندي (١)

أبو الحسن، قاضي حمص، ولد سنة أربع مئة، وكان فاضلًا [نزهًا عفيفًا فصيحًا]، وتوفي بدمشق ودفن بالباب الصغير، ومن شعره: [من البسيط]

تَخلُّقٌ حسنٌ إنْ لم يكُنْ خُلُقٌ … تورُّعٌ حسنٌ إنْ لم يكُنْ ورَعُ

فما أرى قيمة الدنيا وإن عظُمَتْ … أنْ تأتيَ الحرَّ ما من نفسِه يضَعُ

[السنة الخمسون والأربع مئة]

فيها استولى البساسيري على بغداد، وأخرج منها القائم بأمر الله، ودرس آثارها [والمعالم]، وجرى على الخليفة وداره وأهله منه ما لم يَجْرِ من الكفار، ثم إن الله تعالى أخذ [له] منه بالثأر [وكان مآلُه إلى الاستئصال والبوار]، وردَّ [اللهُ] الخليفةَ إلى مقرِّه، وسنذكر ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.

وفي المحرَّم صرف أبو علوان ثِمال بن صالح بن الزَّوقلية أمير حلب منها، وأقطعه عكَّا وقيسارية وصيدا والبلاد الساحلية عوضًا عنها، وولَّاها صاحبُ مصر لأبي علم بن ملهم الخويلدي، وخرج صحبتَه القاضي ابن أبي عقيل قاضي صور حتى تسلَّم ابنُ ملهم حلبَ، وعاد القاضي إلى صور، وكان بقلعة حلب أبو نصر بن أبي عمران الداعي، فرتباه بحلب، وعاد الداعي إلى مصر، وفي المحرَّم بعث السلطان بِتارْتكِين إلى الخادم الخاص ومعه فَرَجيَّة ديباج مطمومةٌ بالذهب، وعمامةٌ مكبة مذهبة، وفرس بمركب ذهب إلى أخيه إبراهيم ينَّال، وأحبَّ أن يزُفَّه بملابس الخليفة، وكان إبراهيم بالموصل، وأمره السلطان بالمسير إليه عاجلًا.

وفي صفر ورد الخبرُ بأن البساسيري أقطعَ الرحبة لخاصَّته، وارتفاعها ثمانون ألف دينار، ووعد بإنفاذ ستين ألف دينار من مصر في كلِّ سنة، مضافةً إلى ذلك تنصرف في إقامة العسكر البغداديين الذين معه، وكتب إليه من مصر أن لا يعبر الفرات، ولا يتعرَّض لأعمال العراق إلى أن يرى صاحب مصر رأيه في المسالمة أو المنافرة.


(١) تاريخ دمشق ٤١/ ٤٢٦ - ٤٣٣.