للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها هرب عبد الله بن جعفر المعروف بالوثَّاب من الاعتقال من دار الخلافة، وكان يَقْرُبُ بالنَّسب إلى الطائع، فلمَّا قُبِضَ على الطائع هرب، وتنقَّل في البلاد، وصار إلى البَطِيحة، فأقام عند مُهذب الدولة، فكاتبه القادر في إخراجه من بلده، فأخرجه، فصار إلى المدائن، فبعث إليه القادر مَنْ قَبَضَ عليه وحمله إلى دار الخلافة، فحُبِسَ في بعض المطامير، فهرب ومضى إلى الموصل، وعاد إلى دَقوقا، وبها جبريل بن محمد، فبعث إليه القادر بالقبض عليه، فقَبَضَ عليه، وبعثَه إلى بغداد، فخرج لصوص على الرِّفقة التي كان فيها، فسألوه عن حاله، فحدَّثهم، فأفرجوا عنه، ومضى إلى الجيل، وادَّعى أنه الطائع، ومَخْرَقَ (١) عليهم بعلامات في دار الخلافة، فقبِلوه وعظَّموه، وزوَّجه محمد بن العباس -أحدُ أمرائهم- ابنتَه، وعاونَه، وأقام له الدعوة في بلده، فأطاعوه، وأعطوه عُشر أموالهم، [الذي يؤدُّونه إلى من] (٢) وُلُّوا أمر دينهم، فاستقام أمرُه، وعظُمَتْ حالُه.

ثمَّ ورد جماعةٌ من هؤلاء من الجِيل إلى بغداد، فأوصلهم الخليفةُ إليه، وعرَّفَهم كَذِبَه، وكُتِبَتْ على أيديهم كتبٌ إلى متولي الجيل، فلم يقدح ذلك في أمره؛ لاستقرار قَدَمِه، وتعصُّب محمد بن العباس له بالمصاهرة، وكان أهل جيلان يرجعون إلى القاضي أبي القاسم بن كَجّ، وله عندهم وجاهةٌ وقبول، فكتب إليه القادر يُعرِّفه حال ابن جعفر، فاجتمع بأعيانهم وعرَّفهم حاله، فقالوا: انصرِفْ عنا. فانصرفَ عنهم.

وفيها توفِّي

محمد بن أحمد بن إبراهيم (٣)

أبو الفرج، المقرئ [المعروف بغلام] (٤) الشَّنَبوذي، ولد سنة ثلاث مئة. قال: أحفظ خمسينَ ألف بيتٍ من الشعر شواهدَ للقرآن. قال ابن عرفة: أنشد أبو الفرج: [من السريع]


(١) مخرق: موَّه. اللسان (مخرق).
(٢) ما بين حاصرتين من المنتظم ١٥/ ٩، والخبر بمعناه فيه، وفي الكامل -أيضًا-٩/ ١٤٣ - ١٤٤.
(٣) تاريخ بغداد ١/ ٢٧١ - ٢٧٢، وتاريخ دمشق ٥١/ ٥ - ٧، والمنتظم ١٥/ ١١، ومعجم الأدباء ١٧/ ١٧٤ - ١٧٣.
(٤) ما بين حاصرتين من مصادر الترجمة.