للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإلْفُ لا يصبِرُ عَنْ إِلْفِهِ … أكثرَ من يومٍ ويومينِ

وقد صَبَرْنا عنكُمُ جُمعةً … ما هكذا فعلُ المُحِبينِ

وكانت وفاته في صفر ببغداد.

[وفيها قُتِل] (١) المَرْزُبان صَمْصام الدولة بن عَضُد الدولة، وكنيته أبو كاليجار، وقد ذكرنا (٢) استيلاءَه على الممالك بعد أبيه، واستيلاءَ أخيه شرف الدولة عليه، واعتقاله وكحله، ولمَّا مات شرف الدولة نزل من القلعة وهو أعمى، وسار إلى فارس، وملك شيراز، وأقام بها إلى هذه السنة.

ذكر مقتله:

اضطربت أمورُه بفارس، واشتدَّ تبسُّط الدَّيلم عليه، وقَصُرتْ مَوادُّه عمَّا يُرضيهم به، وامتدَّتْ عيونُهم إلى إقطاعاتِ والدتِه وقائدٍ له يقال له: الرضيع والحاشية، وإلى ما كان في أيديهم، فأخذوها وانحازوا ناحيةً عن العسكر، ونزلوا بظاهر شيراز، فخرج إليهم، فثاروا في وجهه ورَمَوه، فثبَتَ لهم على بغلتِه ولاطَفَهم، وقال: ما الذي تريدون؟ قالوا: قد رقَّتْ أحوالُنا، وتأخَّرَتْ أرزاقُنا، واستولى الحاشيةُ على الضياع وغيرها. فطيَّبَ قلوبَهم، وردَّهم إلى مواضعَ بِفَسا (٣) مدينةٍ من فارس، ثم زاد الأمر، وعَظُمَ الحالُ والمطالباتُ من الدَّيلم، فأسقط منهم نحوَ الألف، وكانوا أهلَ بأسٍ ونجدةٍ، فبقَوا مُتَحيِّرين ليس لهم موضع يأوون إليه، وكان أبو نصر شهفيرون وأبو القاسم لسنام ابنا عز الدولة بختيار محبوسَين في قلعة من قلاع فارس، فخدَعا الموَكَّلين بها، وشرطا لهم الإقطاعات، فساعدوهما وصارت القلعة في حكمهما، وسار إليهما جماعةٌ من الأكراد، وانضمّ إليهم الدَّيلم -الذين أشرنا إليهم- وسارا لطلب الملك في جيش كثيفٍ، فأخذوا أَرَّجان، وانصرف مَنْ كان بها من أصحاب صَمْصَام الدولة، وأقام أبو نصر وأبو القاسم يجبيان الأموال، ويستخدمان الرجال، ويُلقَّب أبو نصر بِنور


(١) ما بين حاصرتين من الكامل ٩/ ١٤٢ - ١٤٣، والكلام فيه بمعناه.
(٢) في أحداث السنة السادسة والسبعين وثلاث مئة.
(٣) يقال: فَسا -بالفاء- وبسا -بالباء- وهي كلمة أعجمية، وهذه المدينة تبعد عن شيراز أربع مراحل. معجم البلدان ٤/ ٢٦٠ - ٢٦١.