للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القُومَص قد عبر في بلاده وجاء إلى الساحل، فالتقوه بالقرب من بيروت، فسارع إليه جناح الدولة فأسره، وقتل بعض أصحابه، وانهزم الباقون.

وقيل: إن بَرْدَويل أفلَتَ وحدَه ودخل القدس، فملَّكوه عليهم.

وفيها افتتح الفرنج جملةً من بلاد الساحل منها حيفا وأرسوف وقيسارية بالسيف، وقتلوا أهلها.

وفيها أرسل القاضي ابنُ صُليحة المتغلِّب على ثغر جبلة إلى أتابك طُغْتِكين يلتمس منه إنفاذ مَنْ يراه من ثقاته إليه ليُسلِّم إليه جبلة، فندب إليه ولدَ تاج الملوك يوري، وكان دُقاق بدياربكر، فعاد إلى دمشق بأمواله وأسبابه وخيله وكراعه، فأكرم طُغْتِكين مثواه وأحسن إليه، وطلب أن يُسيِّر معه طُغْتِكين من يوصله إلى بغداد، فبعث معه جيشًا، ووصل، فأُنزِل وأُكرِم، ووشى به واشٍ إلى السلطان وقال: معه أموال كثيرة. فنُهِبَ وأُخِذَ جميعُ ما كان معه، وأمَّا يوري فإنه أساء السيرة في جبلة، وآذى أهلَها وصادرهم، وما ألِفوا إلا الإحسان والعدل، فكاتبوا القاضي جلال الملك بن عمار صاحب طرابلس، فأرسل إليهم عساكرَ، فغلبوا أصحاب يوري وأخرجوهم من جبلة، وقبضوا يوري، وبعثوا به إلى ابن عمار، فأكرمه وأحسن إليه، وبعث به إلى دمشق، وكتب إلى والده يعرِّفه صورةَ الحال، ويخبره بما جرى، ويعتذر إليه، وحصَّن ابنُ عمار جبلة وأقامَتْ في يده.

وفيها صادر دُقاق أبا علي بن محمد بن علي بن الصوفي رئيس دمشق على عشرين ألف دينار واعتقله، ثم أعاده إلى رياسته.

وفيها تُوفِّي

عبد الرحمن بن أحمد بن محمد (١)

النُّوَيزي، نزيل مرو، ولد سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة، وسمع الحديث الكثير وأملاه، ورحل إليه الأئمة والعلماء، ورأى رجل النبيَّ في منامه، فقال له: قُل لعبد الرحمن: أبشِرْ فقد قَرُبَ وصولُكَ إليَّ وأنا مُنتَظِركَ.


(١) المنتظم ١٧/ ٦٩.