للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الثانية والثلاثون وأربع مئة]

فيها ورد قِرْواش إلى خُصَّا (١) مُظهرًا للخلاف على جلال الدولة، فأُخِيفَت السُّبُل، واستولت بنو خَفاجة على السواد، وجاؤوا إلى الكوفة، وقاتلهم أهلُها، وخرج الملك إلى قِرْواش، فانهزم، وكان خميس صاحبُ تكريت مع الملك، فنهب أثقال قِرْواش، [ونزل] (٢) الملك كَرْخَ سُرَّ مَنْ رأى، وأقام مُدَّةً يحاصرها، فلم يقدِرْ عليها، ولم يجد الغلمانُ في قتالها، فصالحوه على خمسين ألف درهم، فرجع عنهم، وعاد قِرْواش إلى الأنبار، وواصل أصحابُه إلى السِّندية فنهبوا القلعة.

وفيها وردت الأخبار أنَّ مسعود بن محمود سار إلى غَزْنة وأخلى خراسان، فاستولى عليها الغُزُّ، وسارت منهم فرقة إلى أذربيجان، وبنى أبو جعفر بن كاكويه على أصبهان سورًا عظيمًا، عرض أسفله اثنان وثلاثون ذراعًا، وأعلاه عشرة أذرع، وعمل عليه الأبواب الحديد، ودخل الغُزُّ الريَّ ونهبوها، وقتلوا وفعلوا في بلاد خراسان ما لم يُفعَلْ قبلهم، وكان مسعود بغَزْنة وطُغْرُلْبَك بنيسابور.

ذِكْرُ ما جرى بين مسعود وطُغْرُلْبَك:

لمَّا استولى طُغْرُلْبَك وأخوه داود على نيسابور وخراسان وملكوا البلاد، جمع مسعود عساكره قاصدًا إليهم ليدفعهم عن البلاد، فحادوا من بين يديه، واعتصموا بالمفاوز، وقطعوا السُّبُل، وأقاموا على هذا، فضاقت صدورُ أصحابه بتطاول المدة وانقطاع المادة، فخاطبوه على الرجوع إلى غَزْنة، فلم يُجِبْهم، ففارقوه، وبقي في غلمانه في مفازة على منزلتين من مرو، ولا ماء فيها، فهلك جماعة من أصحابه بالعطش، ورجعوا إلى غَزْنة، وأقام هو في المفازة في نفر قليل، وتبِعَه الغُزُّ طامعين في تخطُّفِ سواده، فقال له مَنْ معه: أنتَ في خطرٍ عظيم، أصحابُكَ قد فارقوك، والعدوُّ


(١) خُصَّا: قرية كبيرة في طرف دُجيل بنواحي بغداد. معجم البلدان ٢/ ٣٧٤.
(٢) الزيادة من (ف).