للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحجَّ بالنَّاس من العراق ياقوت. قال المصنف : وحججت معه، وفِي أول حجاتي، وكانت الوقفة يوم الأربعاء، وعُدْتُ إلى العراق.

وحجَّ من الشَّام بدر الدين دُلْدُرم، وشيخ الشيوخ صدر الدين وأولاده، وشِبْل الدولة الحسامي.

وفيها توفي

علاءُ الدِّين تَنامِش [بن عبد الله] (١)

مملوك الإمام الناصر، وكان شجاعًا، عاقلًا، صالحًا، متصدِّقًا، رحومًا، رقيق القَلْب، لا يَقْرَبُ المُسْكر ولا الفواحش، وكان يُطْعِمُ المسكين، ويكسو العاري، [وكان الخليفة يحبه ويقربه، والوزير ابن مهدي يَشْنَؤه لقربه من الخليفة،] (٢) وكان ابن مهدي قد ولَّى الدُّجَيل ودقوقا رجلًا نَصْرانيًّا يقال له ابن ساوى، فتسلَّط على المُسْلمين وفتك وظَلَمَ، وأهان المُسْلمين، وأَذَلَّهم، وكان يركبُ مِثْلَ صاحب الدِّيوان، وجميع النَّاس مشاةٌ بين يديه، [قالوا:] (٢) وكان [ابن ساوى] (٢) يحمل مَغَلَّ البلاد إلى ابنِ مهدي، فيأخذ [منها] (٢) ما يريد، ويعْطي للخليفة ما يريد، فأقطع الخليفة تنامش دقوقا والدُّجَيل، فخرج إليهما، واطَّلع على الأحوال، فخاف ابنُ مهدي. قالوا: فاتَّفق مع ابنِ ساوى على أن يُسِمَّ تنامش، فمضى النَّصْراني إلى دقوقا، وتوصَّل إلى تنامش، ودسَّ عليه من سقاه السُّمّ، فمرض [تنامش] (٢)، وعاد إلى بغداد مريضًا، فمات بعد أيام، فتقدَّم الخليفةُ بأَنْ يفتح له جامع القَصْر، ولا يتخلَّف عن جِنازته أحدٌ من أرباب الدَّولة إلا الخليفة والوزير، وحُمِلَ إلى مشهد موسى بن جعفر، فَدُفِنَ هناك، وعلم الخليفةُ بباطن الحال، فأمر بأن يُسَلَّم ابنُ ساوى إلى غِلْمان تنامش، فكتب ابنُ مهدي إلى الخليفة يقول: إنَّ النَّصارى قد بذلوا في ابن ساوى خمسين ألف دينار ولا يُقْتل. فكتب [الخليفة] (٢) على رأس الرُّقْعة: [من البسيط]

إنَّ الأسودَ أسودَ الغابِ هِمَّتُها … يومَ الكريهة في المَسْلُوب لا السَّلَبِ


(١) له ترجمة في "المذيل على الروضتين": ١/ ١٨٧ - ١٨٨، وما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).