وزيرُك هذا بين أمرينِ فيهما … صَنِيعُك يا خيرَ البَرِيَّةِ ضائِعُ
فإنْ يكُ حقًّا من سُلالة حَيدَرٍ … فهذا وزيرٌ في الخِلافة طامِعُ
وإنْ كان فيما يدَّعي غيرَ صادِقٍ … فأضْيَعُ ما كانتْ لديه الصَّنائِعُ
وجلس يومًا في الدِّيوان، فوقعت بين يديه ورقةٌ مختومة، فلم يتجاسر على فَتْحها، فبعث بها إلى الخليفة، وفيها: [من السريع]
إنْ صَحَّ ما تَزْعُمُ يا مُدَّعي … إلى نبيٍّ لستَ مِنْ نَسْلِهِ
لا قاتلَ اللهُ يزيدًا ولا … مُدَّتْ يدُ السُّوءِ إلى نَعْلِهِ
لأنَّه قد كانَ ذا قُدْرةٍ … على اجتثاثِ العُوْدِ مِنْ أَصْلِهِ
وإنَّما أبقاكَ أحدوثةً … للنَّاسِ كي يُعْذَرَ في فِعْلِهِ
فكانت سببَ حَتْفه، لأَنَّ الخليفة قال: ما كتبوا هذه إلا وقد أهلك الحَرْثَ والنَّسْل.
وقال مظهر اليماشكي:
ذا الخماين المُدَّعي لو صحت أنسابه … ما خان وقبح على مَنْ حَسَّن ألقابه
صوم الخنا والتعدِّي والبطر صابه … في فتح الحلق ذكره وانغلق بابه
وفيها رتَّبَ الخليفةُ في رمضان دور المضيف ببغداد من الجانبين عشرين دارًا، في كلِّ دار في كلِّ ليلة خمس مئة قَدَح، وألفُ رَطْل من الطبيخ الخاصِّ، والخبز النَّقي والحلوى، وغير ذلك، مستمرًا في كلِّ رمضان.
وفيها وصل النجم خليل الحنفي؛ قاضي العسكر إلى بغداد رسولًا من العادل، فأخرج في مقابلته الشِّهاب السُّهْرَوَرْدي وسُنْقُر السَّلَحْدار، ومعهما الخِلَع للعادل وأولاده، وكان في خِلْعة العادل الطَّوْق والسِّواران.
وفيها مَلَكَ الأوحد بن العادل خِلاط، كاتبه أهلُها بعد قَتْلِ ابنِ بَكْتَمُر والهَزَار ديناري، وكانت بنت بَكْتَمُر مع صاحب أَرْزَن الرُّوم، فقالت: لا أرضى حتى تقتل الهَزَار ديناري، وتأخذ بثأر أخي. فسار إلى خِلاط، وخَرَجَ الهَزَار ديناري للقائه، فَضَرَبه فأبان رأسه، وعاد إلى أَرْزَن الرُّوم، وبقيت خِلاط بغير ملك، وكان الأوحد صاحب مَيَّافارِقِين، فكاتبوه، فجاء إليهم، واستولى عليها، وكانوا جبابرة، وتشرَّط عليه المكدفانية والمقدَّمون، فَشَرَعَ فيهم، فأبادهم وغرَّقهم في بحر خلاط، وبدَّد شَمْلَهم.