للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اجتمعتُ بملحد المعرفة -يعني أَبا العلاء- فقال لي: سمعتُ فِي مراثي الحسين بن عليّ مرثيةً تُكتَب. فقلت: قد قال بعض فلاحي بلدنا أبياتًا يعجز عنها شيخ تنوخ. فقال: وما هي؟ قلت: قوله: [من الكامل]

رأسُ ابنِ بنتِ محمدٍ ووصيِّهِ … للمسلمين على قناةٍ تُرفَعُ

والمسلمون بمَنظرٍ وبمَسمَعٍ … لا جازعٌ فيهم ولا مُتوجِّعُ

أيقظْتَ أجفانًا وكنتَ أنَمْتَها … وأنَمْتَ عينًا لم تكُنْ بِكَ تهجَعُ

ما روضةٌ إلَّا تمنتْ أنَّها … لك تربةٌ ولخَطِّ قبرِكَ موضِعُ (١)

فقال المعري: ما سمعتُ أرقَّ من هذه.

وقال ابن عساكر: سكن طرابلس الشَّام مدة، وكان يتشيَّع. فقال له ابن البراج متكلم الشيعة: ما تقول فِي الشيخين؟ فقال: سَفِلان ساقِطان. قال: من تعني؟ قال: أنا وأنت.

وقال أبو محمَّد بن طاوس: استأذنتُ عليه ببغداد فأذن، فدخلتُ عليه فقال: من أين أَنْتَ؟ قلت: من دمشق. فقال: من بلد النصب. فسمعتُ منه شيئًا يسيرًا، وكان قد أُقعِدَ، وكانت وفاتُه فِي ذي القعدة وقد بلغ ستًّا وتسعين سنة، ولم يتزوَّج إلَّا فِي آخر عمره، ودُفن بمقابر الخيزُران عند أبي حنيفة .

محمَّد بن الحسين (٢)

ابن عبد الله بن إبراهيم، أبو شجاع، الوزير، الرُّوذراوري، ولد بالأهواز بقلعة كنكور سنة سبع وثلاثين وأربع مئة.

وكان القائم بأمر الله كاتبَ أباه يستدعيه للوزارة وهو بالأهواز، فوصل الكتاب إليه وقد مات.

وكان أبو شجاع قد قرأ الفقه والعربية، وسمع الحديث من جماعة، وصنَّف المصنفات الحِسان، مِنها كتابه الذي ذيَّله على "تجارب الأمم"، ووَزر للمقتدي سنة


(١) هذه الأبيات تُنسب إِلَى دِعْبِل الخُزَاعِيّ، وهي فِي ديوانه ص ٣٩٨ - ٣٩٩، ومعجم الأدباء ١١/ ١١٠ - ١١١.
(٢) المنتظم ١٧/ ٢٢ - ٢٧، والكامل ١٠/ ٢٥٠ - ٢٥١. وتنظر بقية المصادر فِي السير ١٩/ ٢٧.