للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولد سنة أربع وتسعين وأربع مئة، وسمع الحديث، وكان شاعرًا فاضلًا، توفي في شهر رمضان ببغداد، ومن شعره في المسترشد: [من البسيط]

قُلْ للإمامِ الذي إنعامُهُ نِعَمٌ … وسَحّ كَفَّيه منه تخجلُ الدِّيَمُ

وبحرُهُ الجمُّ عَذْبٌ ماؤُه غدقٌ … سَهْلُ الشَّرائعِ غَمْرٌ طيِّبٌ شَبِمُ

مسترشدٌ إنْ بدا فالبَدْرُ غُرَّتُهُ … وإنْ يَقُلْ كَلِمًا فالدُّرُّ ينتظمُ

[السنة السابعة والسبعون وخمس مئة]

فيها فُتِحَ رباط المأمونية [ببغداد، و] (١) كان دار سُنْقُر المُسْتنجدي قُبض عليه، وأخذ منه من العين مئة ألف دينار، ومن المتاع والخيل والأثاث ما قيمته أكثر من ذلك، وعُمِلَتْ رباطًا للصُّوفية.

وفيها عاد صلاح الدين من دمشق إلى القاهرة، واستناب بدمشق ابن أخيه عز الدين فرخشاه، وخرج إبرنس الكَرَك يريد تيماء لينتهز الفُرْصة في الحجاز، ومعه الأدلاء من العرب، فخرج فَرُّخْشاه بعساكر الشَّام، فبلغ قريبًا من تيماء، وبلغ البرنس، فرجع إلى الكَرَك، وأمر صلاح الدين أخاه سيف الإسلام طُغْتكين بالمسير إلى اليمن، فأقام يتجهَّز.

وفيها توجَّه صلاح الدين إلى الإسكندرية، فخيم بظاهرها عند عمود السَّواري، وقال: نغتنم حياة الشيخ أبي طاهر بن عوف، فسمع عليه "موطأ مالك" [بروايته عن الطُّرْطُوشي] (١)، فتمَّ له ولأولاده السَّماع، وكان واليها مجير الدِّين قراجا.

وفيها بعث السُّلْطان قراقوش إلى اليمن، فقبض على سيف الدولة مبارك بن كامل بن مُنْقذ، وطلب منه المال، وكان نائبَ شمس الدولة توران شاه، فبعث بالمال إلى العادل وتاج الملوك، وخواص صلاح الدين، فكلَّموه فيه، فأمر بإطلاقه، وحَمَلَ إلى صلاح الدين مئة ألف دينار، وكان أخوه حِطَّان بزَبيد، وابن الزَّنْجيلي باليمن، وجَرَت بينه وبين حِطَّان وقائع.


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).