للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له: إنك لا طاقةَ لك بهم وإن كاشَفْتَهم قهروك. قال: فما الحيلة؟ قال: أمهِلْهم إلى يوم العيد، فإذا خرجوا إلى المُصلَّى فأمسِكْ عليهم الأبواب، وأدخِلْ مَنْ تُريد، واطْرُدْ مَنْ تُريد. فصبر إلى يوم العيد، وأظهر زينةً عظيمةً، وجنائبَ (١) وعُدةً، وخرج الناس إلى المُصلَّى، ولم يركب هو، وأظهرَ أنَّه مريض، وأوقف أصحابَه على الأبواب، فلَّما حصلوا في المُصلَّى أباح لأصحابه نَهْبَهم، ورمى بجماعةٍ ممَّن تخلَّف من الأسوار، واختارَ هو مَن أمِنَ منه، وفرَّق الباقين في البلاد، فماتوا في الطرقات عطشًا وجوعًا، وأخذَ أموالهم، فها بَه الناسُ واستقامَ أمرُه.

وفيها توفِّي

إبراهيم بن هلال (٢)

أبو إسحاق الصابئ، صاحب الرسائل، كان فاضلًا في ترسُّلِه إلّا أنّ كلامَه كثيرُ الحشو، قد نُكِبَ بسبب رسائِله ومُكاتباتِه غيرَ مرة، ومولده في رمضان سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة، ودُفِنَ بالشُّونيزية.

ورثاه الرضيُّ الموسوي (٣) بمرَّات كثيرة، منها قوله: [من الكا مل]

أَعلِمْتَ مَنْ حَملوا على الأعوادِ … أرأيتَ كيفَ خبا ضياءُ الغادي

جبلٌ هوى لو خَرَّ في البحر اغتَدى … مِنْ وَقْعِهِ مُتَتابعَ الإزبادِ

ما كُنْتُ أعلَمُ قبلَ حَطِّكَ في الثَّرى … أنَّ الثَّرى يعلو على الأطوادِ (٤)

بُعْدًا ليومِكَ في الزمانِ فإنَّهُ … أقذى العيونَ وفَتَّ (٥) في الأكبادِ (٦)

لا ينفَدُ الدَّمعُ الَّذي تُبْكَى بهِ … إنَّ القلوبَ له من الأمدادِ

كيفَ انمحى ذاكَ الجَنابُ وعُطِّلتْ … تِلكَ الفِجاجُ وضَلَّ ذاكَ الهادي


(١) الجنائب؛ جمع جَنيبة: وهي الدابَّة التي تُقاد. اللسان (جنب).
(٢) تنظر ترجمته في معجم الأدباء ٢/ ٢٠ - ٩٤.
(٣) ديوان الشريف الرضي ١/ ٣٨١ - ٣٨٦، ويتيمة الدهر ٢/ ٣٦٢ - ٣٦٦.
(٤) الأطواد؛ جمع طَوْد: وهو الجبل.
(٥) فتَّ: أضعَفَ وأوهَن.
(٦) في الديوان واليتيمة: الأعضادِ.