وفيها توفي
السَرِيُّ بن أحمد بن السَّرِيِّ
أبو الحسن، المَوْصِليّ، الرَّفَّاء.
شاعر، فصيحٌ، مُجَوِّد.
فمن شعره يمدح أبا المُرَجَّى بن ناصر الدولة وقد رَمِدت عينُه: [من الكامل]
شَكتِ العُلى لما شَكَتْه جُفونُه … فشَكاتُه مقرونةٌ بشَكاتها
قد قلتُ للأعداء مَهْلًا إنها … نُوَبٌ تَجلَّى الصبحُ من ظُلُماتِها
قالوا اشتكى رَمدًا حَمى أجفانَه … سِنَة الرُّقادِ وغَضَّ من لَحَظاتها
فأجبتُهُم لم تَرْمَد العينُ التي … تَحمَرُّ بأسًا يومَ حَرْبِ عِداتها
لكنْ رأتْه مُحاربًا أموالُه … بنَوالِه فجَرتْ على عاداتها
وقال يمدح أبا الهيجاء حَرْب بن سعيد بن حَمْدان (١): [من الوافر]
بَلاني الحبُّ فيكَ بما بَلاني … فشَأْني أن تَفيضَ غُروبُ شاني
أبيتُ الليلَ مُرْتَفقًا أُناجي … بصِدْقِ الوَجْدِ كاذِبةَ الأماني
فتَشهَدُ لي على الأَرَقِ الثُّريَّا … ويَعلَمُ ما أُجِنُّ الفَرْقدانِ
إذا دَنَتِ الخيامُ بهم فأهْلًا … بذاك الخِيمِ والخِيَمِ الدَّواني
فيا وَلَعَ العَواذِلِ خَلِّ عنِّي … ويا كَفَّ الغَرامِ خُذي عِناني
وقال يمدح حَمدان بن ناصر الدولة ويُهَنِّيه بمولود سمّاه تَغْلِب، وكَناه أبا السرايا:
غدًا تُبدي مدامِعُنا الخفايا … إذا زُمَّت لِطيَّتها المَطايا
وَقفْنا نَحْمَدُ العَبَراتِ لما … رأينا البَينَ مَذْمُومَ السَّجايا
كأن خُدودَهنَّ إذا استَهَلَّت … شقائقُ فيه من طَلِّ بقايا
وقد فَوَّقْنَ بالألْحاظِ نَبْلًا … قلوبُ العاشقين له رَمايا
تمنَّينا اللقاءَ فكان حَتْفًا … وكم أُمنيَّةٍ جَلبتْ مَنايا
أرى الآفاقَ قد مُلئتْ سُرورًا … بتَغْلِبٍ الأميرِ أبي السَّرايا
(١) ذكرها الثعالبي في يتيمة الدهر ٢/ ١٨٥، وياقوت في معجم الأدباء ١١/ ١٨٦ من غرر شعره في الغزل.