للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نعم، ودخل عليه رجلٌ آخر فقال له كذلك، فقال: نعم، قال: ومن هو؟ فلما كان في الثالثة قال: الزبير؟ والذي نفسي بيده إنه لخيرُهم وأحبهم إلى رسول الله (١).

وقال ابن عباس: وفي الزبير نزل قوله تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَينَهُمْ﴾ [النساء: ٦٥] (٢).

وروى الزبير بن بكار، عن هشام بن عروة قال: أوصى إلى الزبير جماعة من الصحابة، منهم: عثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وابن مسعود، والمقداد، فكان يَحفظ عليهم أموالهم، ويُنفق على أبنائهم من ماله.

قال: وأوصى إليه مُطيع بن الأسود، فامتنع من قَبول الوصيّة، فقال له مُطيع: فإني أَنشُدك اللهَ والرَّحم، فإني والله ما أتبع في ذلك إلا رأي عمر بن الخطاب، سمعتُه يقول: لو تركتُ تَرِكة، أو عهدتُ إلى أحدٍ، لعهدتُ إلى الزبير، إنه ركنٌ من أركان الدّين.

قال: وأوصى إليه أبو العاص بنُ الربيع بابنته أُمامة بنت زينب بنت رسول الله ، فزوَّجها الزُّبير من علي .

وقال عروة: شهد الزبير فتحَ مصر لما بعثه عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص، وهو أول من صعد السُّلَّم في فتح حِصنها، ولما قَرب من مصر وكان بها الطّاعون، قيل له: احذرِ الطّاعون، فقال: إنما خرجتُ للطَّعنِ والطاعون (٣).

[ذكر مقتل الزبير بن العوام]

قد ذكرنا أنه خرج من العسكر يوم الجمل يَقصد المدينة، فقتله عمرو بن جُرْموز بوادي السِّباع، باتّفاق من الأحنف بن قيس (٤).

وقال الهيثم بن عدي: سأل الزبير يوم الجمل فقال: أفيكم عمار بن ياسر؟ قالوا: نعم، فأغمد سيفَه وقال: سمعتُ رسول الله يقول لعمار: "تَقتلُك الفئةُ الباغية"، ورجع يطلب المدينة، فقتله ابن جرموز بوادي السباع.


(١) صحيح البخاري (٣٧١٧).
(٢) أخرجه أحمد (١٤١٩)، والبخاري (٢٣٦١)، ومسلم (٢٣٥٧) من حديث الزبير ضمن قصة.
(٣) طبقات ابن سعد ٣/ ١٠٠، وتاريخ دمشق ٦/ ٣٧٨ (مخطوط)، والسير ١/ ٥٥.
(٤) لم يجر ذكر مقتل الزبير في أحداث الجمل، وهذا من دلائل الاختصار.