يُدعى في أيام عمر رَديفًا -والرَّديف الذي بعد الرَّجُل- وكان العباس ممن يقدم عليه أيضًا، فاجتمع الناس إلى عثمان، وسألوه أن يسأله ما الذي يريد أن يفعل، فسأله، فنادى عمر: الصلاة جامعة، فاجتمعوا، فأخبرهم باجتماع الناس على يزدجرد، واتّفاق الفرس عليه الخاصّ والعام، فقال عامّة الناس: سِرْ ونحن معك، فدخل من ورائهم (١) وقال: وأنا معكم، اللهمَّ إلا أن يَحضر رأيٌ هو أَمثلُ من هذا، ثم بعث إلى أهل الرأي من الصحابة وأشراف العرب، فاجتمع مَلَؤهم على أن يُقيم، وَيبعث بعض الصحابة، ويُمدّه بالجنود، فإن كان الفتح، وإلا نَدب آخر وآخر.
وكان عمر قد استخلف عليًا على المدينة، فأرسل إليه ليَحضر، وكان قد جعل طلحة على أحد المُجَنبَتيْن، والزبير على الأخرى، وعبد الرحمن في المقدّمة، وقيل إن طلحة كان في المقدمة، فحضر الجميع، فاستشارهم، فأشار طلحة بالمسير، وأشار علي وعبد الرحمن بن عوف بالمقام، قال عبد الرحمن: فما فَديتُ أحدًا بعد رسول اللَّه ﷺ بأبي وأمي غيره، وقلت: ليس هَزْم جيوشك كهزيمتِك، فأَقِمْ وابعث الجيوش، وقال له علي: إذا سَلِم الرأس سلم سائر الجسد، وإذا عَطِب عطب الجميع، فقال: إنما أنا كرجلٍ منكم، وحيث صدَفْتموني عن المسير فأشيروا عليَّ مَن أبعث، فقال عبد الرحمن بن عوف: عليك بالأسد في بَراثنه؛ سعد بن مالك، يعني: ابن أبي وقّاص، فاتّفق الجميع.
[ذكر مسير سعد ﵁ إلى العراق]
وكان سعد على صدقات هوازن، فكتب إليه عمر، فقدم عليه، فقال له: يا سعد، [سعد] بني وهيب، قد أمّرتك على العراق، فلا يَغُرنّك من اللَّه قول الناس: خال رسول اللَّه ﷺ وصاحبه، فان اللَّه لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكن يمحو السيئ بالحسن، وليس بين اللَّه وبين أحد [نسبٌ] إلا طاعته، فشريفُ الناس ووضيعُهم عند اللَّه سواء، اللَّه ربُّهم وهم عباده، فانظر إلى الأمر الذي بُعث فيه رسول اللَّه ﷺ إلى أن فارقنا عليه
(١) كذا، وفي تاريخ الطبري ٣/ ٤٨٠، وتجارب الأمم ١/ ١٩٧، والكامل ٢/ ٤٥٠: فدخل معهم في رأيهم، وكره أن يدعهم حتى يخرجهم منه في رفق.