قلتمُ استَبْدَلَ منَّا ونقضْ … هل لظمآنٍ من الماء عوضْ
شفَّني من بَعْدكم بُعْدكُمُ … فمتى يُشفى بكم هذا المرضْ
ساءني الجرحُ الذي خلَّفتُمُ … كلما مُرْهِمَ بالذكر انتقضْ
وقيل: إنها لغيره، وقيل إنه مات في سنة ثلاث وعشرين وست مئة] (١).
السنة الحادية والثَّلاثون وست مئة
فيها اجتمع الكاملُ وإخوته، وأسدُ الدين صاحب حِمْص، والعساكر المِصْريةُ والشَّامية، وساروا ليدخلوا بلاد الرُّوم من عند النهر الأزرق، فوجدوا العساكر الرُّومية قد حفظوا الدَّرْبَنْد، ووقفوا على رؤوس الجبال، وسدُّوا الطُّرق بالحجارة والأخشاب، فامتنعت العساكر من الدُّخول. وكان الأشرف ضيِّقَ الصَّدْر من ناحية الكامل، لأنه طلب منه الرَّقَّة برسم عليق دوابه إذا عَبَرَ الفرات، فامتنع، وقال: ما يكفيه كرسي بني أمية. واجتمع أسدُ الدين صاحب حِمْص بالأشرف، وقال: إن حكمَ على الرُّوم أَخَذَ جميع ما بأيدينا. فوقَعَ التَّقاعد، فلما رأى الكامل ذلك عَبَرَ الفرات، ونزل السُّوَيداء، وجاءه صاحب خَرْتَبَرْت، وهو من بني أَرْتُق، فقال: عندنا طريق سهلة تدخل منها. فجهَّز الكامل بين يديه ولده الصَّالح [أيوب](١) والنَّاصر داود، وصواب الخادم، فما راعهم إلا علاء الدِّين بعساكر الرُّوم، وكان الناصر قد تأَخَّر، وتقدَّم صواب في خمسة آلاف فارس، وقاتل صواب ومن معه، والمُظَفَّر صاحب حماة، [فأسر صواب](١) وقتل منهم جماعة، وانهزم الباقون، وعاد الكامل إلى آمد، ولم يتقدَّم، فأطلق الرُّومي صوابًا والأمراء، وأحسن إليهم، فجاؤوا إلى آمد، وأعطى الكامل ولده الصَّالح أيوب حِصْن كيفا، وأقام صواب بآمد، وعاد الكامل إلى الشَّام بالعساكر.