للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان إمامًا في علوم الظَّاهر والباطن، وبه ظهر التَّصوف بخُراسان.

لقي أبا حَفْص، وحَمدونًا القَصَّار، وأبا عُثمان الحِيري وصَحِبهم.

وكان أبو عثمان يقول: إنِّي لأنتفعُ في نفسي إذا نظرتُ إلى خُشوع هذا الفتى، يعني: أبا علي.

وكان يتكلَّم على الناس. قال أبو بكر الرَّازي: حَضَرتُ مَجلسَ الثَّقفي، فتكلَّم في المَحبَّة والمُحبين وأنشد: [من الطويل]

إلى كم يكون العَتْب في كلِّ ساعةٍ … وكم لا تَمَلِّينَ القَطيعةَ والهجْرا

رُويْدَكِ إنَّ الدهرَ فيه كِفايةٌ … لتَفْريق ذاتِ البَين فانتظري الدَّهرا

وقال: مَن صحب الأكابرَ على غير طريق الاحترام حُرِم فوائدَهم، ولم يظهر عليه من أنوارهم شيء.

وقال: مَن غَلَبه هواهُ توارى عنه عقلُه.

وقال: لا تطلُب تقويمَ ما لا يستقيم، ولا تأديبَ مَن لا يتأدَّب.

وقال: يأتي على الناس زمانٌ لا تَصِحُّ المَعيشة فيه لمؤمن حتى يستند إلى مُنافق.

وقال: يا مَن باع كل شيءٍ بلا شيء، واشترى لا شيءَ بكلِّ شيء.

وكان عبد الله بن محمد بن مُنازِل في زمانه، وكان مُجَرَّدًا من الدنيا، فتكلَّم الثقفي يومًا في التَّجْريد عن الدنيا، وشَبَّهه بالموت، فناداه ابنُ منازل وراعَهُ وقال: بها قد متُّ، فانقطع الثقفي لأنَّه كان له عَلائقُ، وابن مُنازِل كان مُجَرَّدًا (١).

[محمد بن علي بن الحسين]

أبو علي، المعروف بابن مُقْلَة، الوزير (٢).


(١) مناقب الأبرار ٢/ ٦٥، وتحرف فيه ابن منازل إلى ابن المبارك.
(٢) المنتظم ١٣/ ٣٩٣، وتاريخ الإسلام ٧/ ٥٥٨، والسير ١٥/ ٢٢٤، وقد سلفت جملة صالحة من أخباره في السنين الماضية.