وقال الحسن: دخلَ عليه عُبيد الله بنُ زياد يعودُه، فقال: اعهد إلينا أبا زياد، فإن الله كان ينفعنا بك. قال: وهل أنتَ فاعلٌ ما آمُرُك به؟ قال: نعم. قال: فإني أطلبُ منك إذا متُّ أن لا تُصلِّيَ عليَّ، وأنْ تُخَلِّيَ بيني وبين بقيَّةِ أصحابي، فيكونون هم الذين يَلُونَني ويُصلُّون عليَّ.
قال: فركبَ عُبيد الله في اليوم الذي مات فيه؛ فإذا كلُّ طريقٍ قد ضاقَ بأهله، فقال: ما بال الناس؟ فقالوا: توفّي عبدُ الله بنُ المغفَّل صاحبُ رسولِ الله ﷺ. فوقفَ على دابَّته حتى أُخرج به، ثم قال: لولا أنه طلب إلينا فأطْلَبْناه إيَّاه؛ لَسِرنا معه وصلَّينا عليه. قال الحسن: لا أبا لك، أتُراهُ وفاءً من الخبيث؟! (١).
عمران بن الحُصين
ابن عُبيد بن خلف بن عَبْد نُهْم، أبو نُجيد الخُزاعي، من الطبقة الثالثة من المهاجرين.
أسلم قديمًا هو وأبوه، وأُختُه، وغزَوا مع رسولِ الله ﷺ غزواتٍ، ولم يزل في بلاد قومِه، ثم تَحوَّلَ إلى البصرة، فنزلَها إلى أن مات بها.
وعن عمران بن الحُصين، عن أبيه، أنَّه أتى رسولَ الله ﷺ، فقال: يا محمد، عبدُ المطَّلب خيرٌ لقومه منك، كان يُطعمهم الكَبِدَ والسَّنَام، وأنت تَنْحَرُهُم. فقال له ما شاءَ الله، فلما أراد أن ينصرفَ قالماله: ما أقول؟ قال:"قل: اللهمَّ قِنِي شَرَّ نَفْسي، واعزم لي على رُشْدِ أمري". فانطلقَ ولم يكن أسلمَ. فجاء فقال: يا رسول الله، إني أتيتُك فقلتُ: عَلِّمني، فقلتَ:"قُلْ: اللهَم قِنِي شَرَّ نفسي، واعزِم لي على رُشْدي". فما أقولُ الآنَ حين أسلمتُ؟ قال:"قُلْ: اللهمَّ قِنِي شَرّ نفسي، واعزم لي على رُشْدِ أمري، وقُلْ: اللهمَّ اغْفر لي ما أسرَرتُ وما أعلنْتُ، وما أخطأتُ، وما عَمَدْتُ، وما علمتُ، وما جهلتُ".
(١) ينظر ما سلف في ترجمة عبد الله بن المغفل ﵁ في "طبقات" ابن سعد ٥/ ١٤٤ - ١٤٥.