للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل في ذِكْر إدريس (١)

قال ابن إسحاق: واسمه أَخْنُوخ، وقيل: إنه أَحْنُوخ (٢)، وهو ابن يَرْذ بن مَهْلائيل بن قَينان بن أَنُوش بن شِيث بن آدم .

وقال الجوهري: إنما سمي إدريس لكثرة درسه لكتاب الله تعالى (٣).

وأوحي إليه وأبوه يَرْذ حيٌّ قال الله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا﴾ [مريم: ٥٦].

قيل: إنَّ الله تعالى ذكره في موضعين (٤).

قال ابن سعد بإسناده عن ابن عباس قال: وهو أوَّل من أعطي النبوة، وبعثه الله بعد آدم، وهو خَنُوخ بن يَرْذ (٥).

قلت: وهو وهم. أوَّل نبيٍّ بعد آدم شِيث، وقد ذكرنا أنَّ الله تعالى أنزل عليه صحائف.

والصَّابئة تسمِّي إدريس هِرمِس، ومعناه: حكيم الحكماء، وتزعم أنه يملك الدنيا وينزل من السماء، وقد أشار إلى هذا أبو العلاء المعرِّي فقال (٦) [الطويل]:

إذا دخل الهِرماسُ جِلِّقَ واليًا … فما كذَبَتْ فيما تَقولُ الهَرَامسُ

يعني الحكماء.

وقال ابن إسحاق: وُلد إدريس في حياة آدم، وقد مضى لآدم لست مئة واثنان وعشرون سنة، وأنزل الله عليه ثلاثين صحيفة.

وهو أوَّل من خطَّ بالقلم وخاط الثياب، وكان الناس يلبسون الجلود.


(١) انظر قصته في "تاريخ اليعقوبي" ١/ ١١، و"تاريخ الطبري" ١/ ١٧٠ - ١٧١، ومروج الذهب ١/ ٧٣، و"عرائس المجالس" ص ٥٠، و"المنتظم" ١/ ٢٣٣، و"الكامل" ١/ ٦٢، و"البداية والنهاية" ١/ ٩٩.
(٢) في (ب): (خَنُوخ).
(٣) "الصحاح": "درس".
(٤) الموضع الثاني في قوله تعالى: ﴿وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (٨٥)﴾ [الأنبياء: ٨٥].
(٥) "الطبقات الكبرى" ١/ ٤٠.
(٦) البيت في "لزوم ما لا يلزم" ٢/ ٨٦١.