للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الرابعة والأربعون بعد المئة]

فيها قدم محمَّد المهديّ من خُراسان إلى العراق، فنزل الحيرة عند أَبيه، وبنى برَيطَة بنت عمِّه أبي العباس.

وعزل أبو جعفر محمَّد بن خالد عن المدينة، وولَّاها رياح بن عثمان (١) المُرِّي، وحج أبو جعفر، واستخلف على عسكره وعلى الحِيرة خازم بن خُزيمة (٢)، وجدِّ في طَلَب إبراهيم ومحمَّد ابني عبد الله بن حسن، وكانا قد تخلَّفا عن أبي جعفر لما حجَّ في زمن أخيه أبي العباس وععه أبو مسلم، وكذا في حجَّته الثَّانية، فلما حجَّ هذه السنة -وهي حجَّتُه الثالثة- جدَّ في طلبهما، وأذكى العيونَ عليهما.

قال أرباب السير: كان محمَّد بن عبد الله يذكر أن أَبا جعفر بايعه بمكة ليلة تشاور بنو هاشم عند اضطراب حَبْلِ بني مروان (٣)، وكان أبو جعفر حاضرًا، فكان محمَّد يقول: كيف أبايع مَن بايعني؟! فلما ولي أبو جعفر الخلافة لم يكن له همٌّ إلَّا طلب محمَّد وإبراهيم، وكلُّ من يسأله عنهما من بني هاشم يقول: ما اختفيا إلَّا خوفًا منك، ولا بأس عليك منهما، إلَّا حسن بن زيد فإنَّه قال: والله ما آمَنُ وُثوبهما عليك، فأيقظ مَن لا ينام، فكان بنو الحسن يقولون: اللهم إن دماءنا عند الحسن بن زيد.

وقال عبد الرَّحْمَن بن أبي الموالي: لما وَلي أبو جعفر ألحَّ في طلب إبراهيم ومحمَّد، وتغيَّبا عنه بالبادية، وأمر زيادًا الحارثيّ بطلبهما، فكان لا يَجِدُّ، فعزله وولَّى المدينة محمَّد بن خالد القَسريّ، وأمره بطلبهما فلم يبالغ، وكان يعرف مكانهما، فعزله، وولّى رياح بن عثمان بن حيَّان المُرِّي، فجدَّ في طلبهما ولم يُداهِن، فخافا منه، فجعلا ينتقلان من موضع إلى موضع، واغتمَّ أبو جعفر بتغَيُّبهما، فكتب إلى رياح أن


(١) في (خ) و (ب): عثمان بن رباح، والمثبت من الطبري ٧/ ٥١٧، والمنتظم ٨/ ٤٤، وتاريخ الإِسلام ٣/ ٧٧٧، والبداية والنهاية ١٣/ ٣٤٩.
(٢) في (خ) و (ب): خزيمة بن خازم، والمثبت من المصادر، انظر الحاشية السابقة.
(٣) في الطبري ٧/ ٥١٧، والمنتظم ٨/ ٤٤: ليلة تشاور بنو هاشم فيمن يعقدون له الخلافة حين اضطرب أمر بني مروان.