للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يأخذ أباهما عبد الله، وأخويه حسن وداود، ومحمَّد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، وهو أخوهم لأمهم فاطمة بنت حسين، في عدَّةٍ منهم، ويَشُدَّهم وثاقًا، ويبعث بهم إليه حتَّى يوافوه بالرَّبذَة، وأن يأخذني معهم.

قال محمَّد بن عمر: فأنا رأيتُ عبد الله وأهلَ بيته يخرجون من دار مروان بعد العصر وهم في الحديد، فيحملون في مَحامِلَ عَرايا ليس تحتهم وطاء، وأنا يومئذٍ غُلامٌ قد راهَقْتُ الاحتلام.

قال ابن أبي الموالي: وأُخذ معهم يومئذ نحوٌ من أربع مئة من جُهَينة ومُزينة وغيرِهم من القبائل.

ووافى أبو جعفر من الحج إلى الرَّبَذَة وهم بها مُكَتَّفين في الشَّمس، وسأل عبد الله أَبا جعفر أن يأذن له في الدخول عليه، فلم يأذن له، ولم يَره حتَّى فارق الدنيا، ثم دعاني فأُدخِلتُ عليه وعنده عيسى بن عليّ، فلما رآني عيسى قال: نعم هو هو يَا أمير المُؤْمنين، وإن أَنْتَ شَدَّدتَ عليه أخبرك بمكانهما، فدنوتُ منه وسلَّمتُ عليه فقال: لا سلَّم الله عليك، أين الفاسقان ابنا الفاسق، الكذابان ابنا الكذاب؟ فقلت: يَا أمير المُؤْمنين، هل ينفعني الضدقُ عندك؟ قال: وما ذاك؟ قال: امرأته طالق وعليَّ وعليّ إن كنتُ أعرف مكانهما، فلم يُصدِّقني، وقال: السِّياطَ، فأُتي بها، وأُقِمتُ بين العُقابَين (١)، فضربني أربع مئة سَوط، ورُدِدتُ إلى أصحابي على تلك الحال.

ثم بعث إلى الدِّيباج محمَّد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان -وكانت ابنته تحت إبراهيم بن عبد الله- فلما دخل عليه قال: أخبرني عن الكذَّابَين ما فعلَا، وأين هما؟ فقال: والله يَا أمير المُؤْمنين ما لي بهما علم، وإني لصادق، فقال: جَرِّدوه، فجرَّدوه، فضربه مئةَ سَوط، وألقى عليه قميصَ قُوْهِيٍّ على الضَّرب، ثم حُمل إلينا، فوالله ما قدرنا على نزع القميص من لُصوقه بالدم، حتَّى حُلبت عليه شاة، ثم قال: احْدُروهم إلى العراق، فقُدم بنا إلى الهاشميَّة فحُبِسْنا، فكان أول من مات عبد الله بن حسن (٢).


(١) خشبتان يشبح الرَّجل بينهما ليجلد. تاج العروس (عقب).
(٢) طبقات ابن سعد ٧/ ٤٧٦ - ٤٧٧.