للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة السادسة والعشرون بعد المئتين]

فيها هلك [الأفشين، والمازيار، و] محمَّد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين، فصلَّى عليه المعتصم في داره.

وقال ابن حبيب الهاشميّ في "تاريخه": و [في سنة ستِّ وعشرين ومئتين] في ليلة الاثنين النصف من جمادى الآخرة مُطِر أهل تيماء مطرًا وبَرَدًا كالبيض، قَتل ثلاثَ مئةٍ وسبعين إنسانًا، وهَدمَ دورًا كثيرةً، وسُمِع في ذلك صوتٌ يقول: أرحم عبادك، اعفُ عن عبادك، ونَظروا إلى أثر قدمٍ طولُها ذراعٌ، وعرضُها شبرٌ، وليس لها أصابع، ومن الخطوة إلى الخطوة ستةُ أو خمسةُ أذرع، فاتَّبعوا الصوتَ يسمعونه ولا يرونَ الشخص (١).

[فصل] وحجَّ بالنَّاس محمَّد بن داود [بن عيسى بن موسى] بأمر أشناس التركي، وكان أشناس قد حجَّ في هذه السنة، ودُعي له على المنابر بالكوفة ومكَّة والمدينة، وولَّاه المعتصمُ إمرةَ كلِّ بلدٍ يمر فيها حتَّى رجعَ إلى سامرَّاء (٢).

وفيها توفِّي

الأفشينُ

حيدر بن كاوس، من أولاد الأكاسرة، والأفشين لقبٌ لمن ملك أشروسنة [كما يُقال لكسرى ملك الفرس، ولقيصر ملك الروم، وللنجاشيّ ملك الحبشة]، وقد ذكرنَا أخبارَه، وأنه كاتبَ المازيار، واتَّفق معه على الفتكِ بالمعتصم، ونقل الملكِ إلى الفرس، وأنَّ المعتصمَ حبسَه في بيتٍ مربَّعٍ ضيِّق.

وقال حمدون بن إسماعيل: بعثَ الأفشينُ معي رسالة إلى المعتصم يترفَّق له فيها، ويعتذرُ له، ويحلفُ ويتنصَّل مما قيل عنه، ويقول: مَثَلي ومَثَلُكَ كمثل رَجُلٍ ربَّى عجلًا حتَّى سمن وحسنت حالة، وكان له أصحابٌ، فاشتهوا أن يأكلُوا لحمَه، فعرَّضوا له بذبح العجل، فلم يجبهم، فاتَّفقوا فيما بينهم على أمرٍ، فقالوا له: لم تربِّي هذا الأسد،


(١) المنتظم ١١/ ١١١، وما سلف بين حاصرتين من (ب).
(٢) انظر تاريخ الطبري ٩/ ١١٤ - ١١٥، والكامل ٦/ ٥٢١.