للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاستقامتِ الأحوال، وكان عارفًا بقوانين الدَّواوين، فصيحًا بالعربية والعجمية، ثم أطْلَقَ ابنَ الصُّوفي، وخَلَعَ عليه، وأعاده إلى رياسته، والمَزْدَقاني بحاله على وزارته.

وفيها جُرِحَ بوري؛ وذلك لأَنَّ الباطنية الذين في الشرق، لَمَّا عَلِمُوا ما جرى على إخوانهم في الشَّام ندبوا لقَتْلِ بوري رجلين فجاءا إلى دمشق، وتوصَّلا حتى خدما في ركابه، وأقاما ينتهزان الفُرْصة، وقد أَنِسَ بهما ظَنًّا منه أنهما من غِلْمانه، فوثبا عليه يوم الخميس خامس جُمادى الآخرة بقلعة دمشق، فضربه أحدُهما بالسَّيف طالبًا رأسه، فوقع في رقبته، فجرحه، وضربه الآخر بسكينٍ في خاصرته، نَفَذَت بين الجلد واللحم، ورمى بنفسه إلى الأرض، وتكاثر أصحابه عليهما، فقطَّعوهما، وخِيطَتْ جراحتُه، فبَرَأَ الذي في عنقه، ونَسَرَ (١) الذي في خاصرته، فكان سببًا لهلاكه، فَجَمَعَ الأُمراء والمقدَّمين والخواص والأعيان، وقال لهم: إنِّي قد أيست من الحياة بسبب هذا الجرح، ولا بُدَّ من الموت، وهذا ولدي أبو الفتح إسماعيل أكبر ولدي، وقد لاحت لي منه أمارة النَّجابة، وقد رأيتُ أَنْ أجعلَه وليَّ عهدي، فقالوا: الحكم لك فيما تراه، وطاعتُنا لك في حياتك كطاعتنا لولدك بعدك. فَسُرَّ بقولهم، وخَلَعَ عليه الخِلَع السَّنية، واستقرَّتْ فيه ولايةُ العهد.

فصل: وفيها تُوفِّي

أَحْمد بن محمَّد بن عبد القاهر (٢)

أبو نَصر الطُّوسي، كان [يصلي ببغداد في مسجد الشَّاكرية] (٣)، ثم انتقل إلى المَوْصِل، فتوفِّي بها يوم السبت حادي عشرين ربيع الأول [سمع ابن المهتدي وابن المُسْلمة وابن النَّقور وغيره، وذكره جدي في "مشيخته" وقال: كان سماعه صحيحًا،


(١) نسر الجرح: نقض. "معجم من اللغة": ٥/ ٤٤٧.
(٢) له ترجمة في "المنتظم": ١٠/ ٢١ - ٢٢، و"مشيخة ابن الجوزي": ١١٧ - ١١٨، و"الكامل": ١٠/ ٦٧١، و"العبر" للذهبي: ٤/ ٦٤، و"طبقات الشافعية" للسبكي: ٦/ ٥٨ - ٥٩، و"طبقات الشافعية" للإسنوي: ٢/ ١٦٨ - ١٦٩، و"شذرات الذهب": ٤/ ٧٣.
(٣) في (ع) و (ح): كان ببغداد، ثم انتقل إلى بغداد، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).