للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي شوَّال قُبِضَ على أبي منصور بن طاس حاجب القادر.

وبطل الحجُّ من العراق ومصر، ولم يحُجَّ إلَّا قومٌ من خُراسان ركبوا البحر من البحرين ومُكْران (١)، فأرسوا على جدَّة، وحجُّوا.

وفيها تُوفِّي

[حمزة بن إبراهيم]

أبو الخطاب، بلغَ من بهاء الدولة منزلةً لم يبلُغْها غيرُه، كان يُعلِّمه النجوم، وكان حاكمًا على الدولة، و [كان] الوزراءُ والقُوَّادُ يخافونه، والخلفاءُ يَألفونه، وحكم على الملوك، وما كان يقنعُ من الوزراء بالقليل لمَّا فتح فخرُ الملك قلعةَ سابور وحُمِلَ إليه مئة ألف دينار فاستقلَّها، وما كان بهاءُ الدولة يخالفُه أبدًا، وآلَ أمْرُه إلى أن مات بكَرْخ سامرَّا غريبًا وحيدًا، وذهب مالُه وجاهُه.

وقال هلال بن الصابئ: وُلدَ سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة، وكان في بدايته عاملًا لأبي جعفر بن المُكتفي بالله، ربَّاه وخرَّجه وعلَّمه علم النجوم الذي كانت معيشته منه، وكان يُحوِّل المواليد للوزراء والكُبراء، وتدرَّج إلى أن خدم في دار بهاء الدولة، في جملة المنجِّمين، فتقلَّبت به الأحوال، حتى صار من خواص بهاء الدولة، لا يفارقه إلا وقتَ النوم، وكانت فيه جلادةٌ وتوصُّل وحِيَلٌ، فاستولى على بهاء الدولة، وأدخل يده في المعاملات، ومات بهاءُ الدولة وأكثرُ أموره متعلِّقةٌ به، وقام سلطان الدولة فاستولى على الأموال والخزائن والقِلاع، وفُوِّضَ إليه الحَلُّ والعقدُ، والولايةُ والعزلُ، واستمرَّت به السعادةُ إلى آخر عمره، وكان مع هذا متوسِّطًا في مأكوله ومشروبه وملبوسه، وخلف أموالًا عظيمةً، وكان فخر الملك يقول: حملتُ إليه مرةً مئةَ ألف دينار فاستقلَّها، فجعلتُها مئةً وخمسين ألفًا، وهذا في دفعة واحدة.

ولمَّا وَليَ سلطانُ الدولة لم يقبَلْ، فخرج إلى سُرَّ مَنْ رأى لما نذكر.

وقال بعض أصحابه: استأذنْتُ عليه، وإذا به يبكي، فمسح عينيه، فقلت له: ما لي أرى مولانا على هذه الصورة؟ فقال: انعكسَ ما كنتُ عليه من الإقبال، وآذَنَت مُدَّتي


(١) في الكامل ٩/ ٣٧٠: كرمان! والخبر فيه بنحوه، وكذلك في المنتظم ١٥/ ١٩١.