بالله أميرِ المؤمنين -أطال اللهُ بقاءَه، وأدامَ عليه نعماءَه- مُحيطٌ بانَّ الله سبحانه قد جعل لكلِّ شيء أمدًا، لا يزال أبدًا، وسوَّى بين العالم في قضائه المحتوم، وقدَرِه المبروم، فلم يُخْلِ منه نبيًّا ولا صفيًّا ولا وليًّا، وقد سار مولانا في العالم أحسنَ السِّيَر، حاميًا للخواصِّ والعوامِّ من الغِيَر، والأولى إنعامُ النَّظر في حاضر يومه لغدِه، واعدادُ ما يُستظهر به من عُدَدِه؛ لئلَّا يسألَه الله يوم المَعادِ عن حقٍّ أهمَلَه من أمر العباد، والحضرةُ الأميريةُ الجعفريةُ مستحِقَّةٌ لولاية العهد بعد الأمد الفسيح، الَّذي نسأل الله أن يُطيله، والعبدُ يرغب إلى المواقف المقدسة النبوية المحفوفة بالأسرار الإلهية، أن يشُدَّ أزْرَ الخلافة بإمضاء العهد لها، وذكر كلامًا طويلًا.
وفيها غزا فَضْلُون الكردي، فوصل إلى الخزر، فقتل وسبى، وغنم أموالًا كثيرةً، وخرج من بلادهم، فنزل بمكانٍ قريب منهم، ولم يحترز، ونام هو وأصحابه، وكانوا قد تبعوه، ولم يكن له طلائعُ فكبسوه، وقتلوا من أصحابه عشرة آلاف، واستعادوا الغنائم والأسرى، وأفلَتَ في نفرٍ يسير.
وفيها وقعت فتنةٌ عظيمةٌ بين الأتراك والهاشميين ببغداد، ورفع الهاشميون المصاحف على رؤوس القصب، ورفع التُّركُ الصُّلبانَ على الرِّماح، وكانت الفتنة بين أهل باب البصرة والكَرْخ، وكان الأتراكُ مع أهل باب البصرة، والهاشميونَ مع أهل الكَرْخ، وركب نائبُ السلطنة فلم يقدِرْ أن يفصل بينهم حتَّى قُتِلَ من الفريقين جماعةٌ، وانفصلوا، وأصلح الوزيرُ بينهم.
وفيها عاد جلالُ الدولة إلى بغداد من واسط.
ولم يحجَّ أحدٌ من العراق في هذه السنة (١).
وفيها تُوفِّي
[أحمد بن عبد الله بن أحمد]
أبو الحسن، يُعرَف بابن الرَّان، أصله من الجزيرة، وأذكره الحافظ ابن عساكر فقال]: سكن دمشق، وكان يعظ في باب الزيادة بجامع دمشق تحت اللازوردية وهناك