للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونزل الخوارزمي على خِلاط، وضايقها، وأقام عليها إلى السنة الثانية، ونزل عليه الثلج، وحفروا سرابًا له ولأصحابه، ولم يزل حتى أخذها عنوة في السنة الآتية.

وسار الكامل إلى حماة، فحصرها، وأخذها من النَّاصر قليج رسلان، وأعطاها لمحمود بن المنصور، ولقبه المُظَفَّر، وكلاهما ابنا أُخته.

وسار النَّاصر داود إلى الكَرَك، وكان قد بكى بين يدي الكامل على الشَّوْبك، فقال الكامل: أنا ما لي حصن يحمي رأسي، وَهَبْ أنك وهبتني إياه. فسكت.

وأقام الأشرف بدمشق، فدخل عليه ابنُ عُنَين، فلم ير منه ما كان يعهده من مجالس المعظم، [وما كان يجري فيها من الهنات، وقذف المحصنات، فإنَّ ابن عنين كان هجاءً، خبيث اللسان،] (١) فَشَرَع فيما كان يفعله، فنهاه الأشرف، وقال: ما مجالسي كما عهدت، يكفيني ما أنا فيه حتى أضيف إليه ثلب [أعراض] (١) المسلمين! فخرج من عنده، [وكان شاعرًا لبيبًا كثير الكلام، فأخذ يصنف هجاءه، وقد] (١) عمل فيه: [من الطويل]

وكنا نرجِّي بعد عيسى محمدًا … لينقذنا من شِدَّة الضُّرِّ والبَلْوى

فأوقعنا في تِيه موسى كما ترى … حيارى فلا مَنٌّ لديه ولا سَلْوى (٢)

وبلغ الأشرف، فقال: هذا الملعون، إذا لم يكن عندي مَنٌّ ولا سلوى، فعند مَنْ! وأمر بقَطْعِ لسانه، فدخل على جماعة، وحلف أنه ما قال هذا. فقال الأشرف: هذا ما أفلت من لسانه أحد، ولا بُدَّ من قطعه. فهرب إلى بلاده ازرع وحوران، وسكت الأشرفُ عنه.

وفيها توفي

أقسيس (٣)

الملك المسعود بن الكامل، صاحب اليمن.

بلغه موت المعظم [في سنة خمس وعشرين وست مئة] (١)، فطمع في الشَّام، فتجهَّز من اليمن بجهاز لم يسبقه إليه أحدٌ من الملوك، ونادى في بلاد [اليمن في] (١) التُّجَّار:


(١) ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) ديوانه: ١٣٢ مع اختلاف في بعض الألفاظ.
(٣) له ترجمة في "التكملة" للمنذري: ٣/ ٢٤٤، و "المذيل على الروضتين": ٢/ ١٧، وفيه تتمة مصادر ترجمته.