للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأنقَذَ مِصْرًا من يدي كلِّ كافرٍ … لنعماه لا عَقْلٌ لَدَيه ولا دِينُ

إذا ما أرادَ الله إهباطَ دَوْلةٍ … تبيذقَ منها في الدّسوتِ فرازينُ (١)

ولما مضى فِرْعَوْنُها فَرَّ عَوْنُها … وأدركَها موسى الكليمُ وهارونُ

وقد بقيتْ في نفس يعقوبَ حاجةٌ … إلى سَيفك الماضي هي الغَرْبُ والصِّينُ (٢)

وقال: [من الطويل]

صُنِ النَّاس عمَّن مَدَّ كَفًّا إليهمُ … بسوءٍ تَفُزْ بالحَمْدِ بين الخلائقِ

فما اكتسبَ النُّعْمانُ ذِكْرًا مخلَّدًا … على الدَّهْرِ إلا صونه للشَّقائِقِ

وقال: [من الكامل]

ومُدامةٍ رَقَصَتْ لنا من دَنِّها … بزجاجةٍ فخبا سنا المِصْباحِ

نَظَرَ الحكيمُ فلم يشكَّ بأَنَّها … شمسٌ بَدَتْ في غُرَّة الإصباحِ

وكانت وفاتُه في ربيع الآخر ببغداد.

عبد الرَّحيم بن إسماعيل بن أبي سَعْد (٣)

أبو القاسم النَّيسابوري، شيخ الشيوخ ابن شيخ الشيوخ، ولقبه صَدْر الدِّين.

ولد سنة ثمانٍ وخمس مئة، وتوفي أبوه سنة إحدى وأربعين، فولي مشيخة الشيوخ إلى حين توفي في رحبة ملك بن طَوْق، وقد عاد من عند صلاح الدين في شعبان، ودُفِنَ إلى جانب موفق الدين محمد الرَّحْبي، وكان فاضلًا مترسِّلًا بين الخليفة وصلاح الدين، وكان يَلْبَس الثِّياب الفاخرة، ويتخصص بالأطعمة، فكان أهل بغداد يعيبون عليه حيث لم يسلك طريق المشايخ في التعفُّف عن الدُّنيا، والقناعة منها باليسير، مع لبسه القصير، والتزيي بزِيِّ الصُّوفية، حتى هجاه محمود النعال في كان وكان، من أبيات:

كذا طريق الشِّبْلي مع الجنيد أي … شيخنا يأكل حمل وحملاوه معه دجاج سمين


(١) تبيذق: أي صار بيذقًا، والفرازين جمع، مفرده فرزان، وهو بمنزلة الوزير للسلطان، واللفظان من اصطلاح الشطرنج.
(٢) القصيدة في "الخريدة": ٢/ ١٨٩.
(٣) له ترجمة في "كتاب "الروضتين": ٣/ ٢١٠ - ٢١١، و"وفيات الأعيان": ٧/ ٨٨، و"مفرج الكروب": ٣/ ٢٥٧، و"النجوم الزاهرة": ٦/ ٩٧.