للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لشيث: يا بني، إنَّك وصيَّتي (١) فاحفظ هذا الكلام ليُتَوارث فيرق الناسُ عليه. فلم يزل ينتقل حتى وصل إلى يعرب بن قحطان، وكان يتكلَّم بالعربية والسُّريانية، وهو أوَّل من خطَّ بالعربيَّة، وكان يقول الشعر، فنظر في المرثية فإذا هي سجع فقال: إنَّ هذا ليقوم شعرًا فردَّ المؤخَّرَ إلى المقدَّم والمقدَّم إلى المؤخَّر فوزنه شعرًا، وما زاد فيه ولا نقص منه، تحريًا في ذلك فقال الأبيات.

وذكر الحسن البصري: أنَّ الرجلين اللذين قربَا القربان كانا من بني إسرائيل، وكانا أخوين (٢).

وهذا قول ضعيف، والعلماء على خلافه. والدَّليل عليه ما روى الأئِمَّة:

فقال أحمد بن حنبل بإسناده عن عبد الله قال: قال رسول الله : "لا تُقتَلُ نَفسٌ ظُلمًا إلَّا كَانَ على ابنِ آدمَ الأوَّلِ كِفْلٌ منها، لأنَّه أوَّلُ من سنَّ القَتلَ". أخرجاه في "الصحيحين" (٣). والكفل: الضعف. وكذا قوله تعالى: ﴿يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ﴾ [المائدة: ٣١] دليل عليه، لأنه لو كان من بني إسرائيل لعرف الدَّفن.

وهل قتل قابيل هابيل بعد تزويج أخت قابيل أم لا؟ فيه قولان:

أحدهما: أنَّه قتله قبل ذلك لئلا يدخل بها.

والثاني: أنَّه قتله بعدما دخل بها غيرة وحَنَقًا وحسدًا له، والله أعلم.

ذكرُ ما تجدَّد من الحوادث بعد قتل هابيل

حكى الثعلبي عن سالم بن أبي الجعد قال: أقام آدم باكيًا حزينًا مئة سنة لا يضحك، ثم جاءته الملائكة فعزَّته لما نذكر (٤). وفي التوراة: أنه كان لهابيل لما قتل عشرون سنة، ولقابيل خمسة وعشرون سنة.

وكان قتله إيَّاه في يوم الثلاثاء.


(١) كذا في النسختين، وفي "عرائس المجالس" ٤٧، وصيي.
(٢) أخرجه الطبري في "تاريخه" ١/ ١٤٣.
(٣) أخرجه أحمد في "مسنده" (٣٦٣٠)، والبخاري (٣٣٣٥)، ومسلم (١٦٧٧).
(٤) أخرجه الطبري في تفسيره (١١٧٢٠)، وانظر "عرائس المجالس" ٤٨.