للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوقت على الحيرة، وكان يُسامي الحارث، فقال الحارثُ لحسّان: يا ابنَ الفُرَيْعَة، لقد بَلغني أنك تُفضِّلُ النعمان عليّ، فقال حسان: كيف أُفضِّلُه عليك؟ ووالله لقَفاك أحسنُ من وجهه، ولأبوك أشرفُ من جميع قومه، ولأمُّك أشرفُ من أبيه، ولشِمالك أَجودُ من يمينه، ولحِرمانُك أنفعُ من عطائه، ولَقليلُك خيرٌ من كثيره، ولكُرسِيُّك أرفعُ من سريره، ولجَداوِلُك أغزرُ من بحوره، ولَيومُك أطولُ من شهره، ولَشَهرُك أَمدُّ من حَوْله، ولحَوْلُك خيرٌ من حِقَبِه، ولزَنْدُك أَورى من زَنْده، ولَرَجِلُك أعزُّ من خَيله، ولَعبيدُك أكرمُ من جُنده، وأنت من غَسَّان وهو من لَخْم، فكيف أفضّلُه عليك، أو أَعدِلُه بك؟ فقال الحارث: إن هذا لا يُسمع إلا في شعر، فقال حسان: [من المتقارب]

ونُبِّئتُ أن أبا منذرٍ (١) … يساويك يا حارِ في المخْبَرِ

قَذالُك أحسنُ من وَجْهه … وأمُّك خيرٌ من المُنذرِ

ويُسرى يديك على عُدْمها (٢) … كيُمنى يديه على الميسرِ (٣)

[فصل]

ثم ملك بعد الحارث جَبَلَةُ بن الأَيْهم الغَسّاني من آل جَفْنَة، وهو الذي امتدحه حسّان بأشعارٍ كثيرة منها: [من الكامل]

لله دَرُّ عِصابةٍ نادَمْتُهم. . . يومًا بجِلّقَ في الزمانِ الأوَّلِ (٤)

وجبلة الذي كاتَبه رسول الله على يد شُجاع بن وَهْب، وعزم على قَصْده، فمنعه قيصر، وأسلم في زمان عمر ، ثم تنصَّر.

وقال ابن قتيبة: كان طول جَبَلة اثني عشر ذراعًا (٥)، وإذا ركب مَسَحتْ قدماه الأرض. ولم يوافق ابنَ قتيبة على هذا أحدٌ، وإنما كان طُوالًا من الرجال.

وكانت منازل آل جَفْنة وملوكِ غسَّان باليرموك والجَوْلان، والصَّمّان، والأردن وأعمال دمشق إلى مشاريق الشام.


(١) في النسخ: ونبئت أن نعيما، والمثبت من مروج الذهب ٣/ ٢١٩، وديوانه ص ٢٣٨ (برقوقي).
(٢) في مروج الذهب: غيرها، وفي الديوان: عُسرها.
(٣) في الديوان: المعسر.
(٤) ديوانه ص ٣٦٤ (برقوقي).
(٥) في المعارف ٦٤٤: اثني عشر شبرًا.