للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فبينما هو يلعب يومًا مع الغِلمان خلف البيوت إذ جاء أخوه يشتد فقال لي ولأبيه: أدركا أخي القُرَشي، فقد جاءه رجلان فأضجعاه وشقَّا بطنه، قالت: فخرجنا نشتد نحوه، فانتهينا إليه وهو قائم ممتقع لونه، فاعتنقته واعتنقه أبوه وقال: ما لك يا بني؟ قال: جاءني رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني وشقَّا بطني، ووالله ما أدري ما صنعا. قالت حليمة: فاحتملناه فرجعنا به، قالت: يقول زوجي: يا حليمة، والله ما أرى الغلام إلا قد أصيب، فانطلقي فلنَرُدّه إلى أمه قبل أن يظهر به ما نتخوف عليه. فرجعنا به إلى أمه، فقالت: ما ردَّكما به وقد كنتما حريصين عليه؟ فقلنا لها: قد كفلناه وأدَّينا ما علينا من الحق فيه، ثم تخوفنا عليه الأحداث فقلنا: يكون عند أمه. فقالت: والله ما ذاك بكما، فأخبراني خبره، فأخبرناها. فقالت: أتخوفتما عليه، والله إن لابني هذا لشأنًا (١).

* * *

السنة الثالثة من مولده -

فيها ولد أبو بكر الصديق

ودخلت السنة الرابعة وبعض الخامسة، وهو عند حليمة السعدية .

* * *

السنة الخامسة من مولده -

وفيها شق بطنه.

قال شداد بن أوس: جاء رجل من بني عامر إلى النبي فقال: أنت الذي تزعم أنك رسول الله؟ فأخبرني عن بدء أمرك، فقال: "يا أَخا بني عامر، بَدْءُ أَمري دَعوةُ أخي إبراهيمَ، وبُشرى أخي عيسى، وإنِّي كنتُ مسترضعًا في بني سعدٍ، فبينا أنا ذاتَ يومٍ مُنْتَبِذٌ مع أتراب لي من الغِلمان في وادٍ بعيدٍ عن أهلي، إذا بثلاثة رهطٍ معهم طَسْتٌ من ذَهب قد


(١) "السيرة" ١/ ١٤٨ - ١٥٣، والنقل عن "المنتظم" ٢/ ٢٦١ - ٢٦٣.