للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يريدون أخًا لهم، فرجع الحارث ومالك إلى اليمن، وأقام ياسر بمكة، فحال أبا حُذَيفة بن المغيرة بن عبد الله المخزومي، فزوّجه أبو حُذَيفة أَمَةً له يُقال لها: سُمَيّة بنت خُيّاط، فولَدت له عمارًا، فأعتقه أبو حُذَيفة، ولم يزل ياسر وعمار مع أبي حُذَيفة حتَّى مات، وجاء الإسلام فأسلم ياسر وعمار وسُميَّة وأخوه عبد الله بن ياسر.

قال: وكان لياسر ابن آخر أكبر من عمار يُقال له: حُرَيث، قتلَتْه بنو الدِّيل في الجاهلية.

قال: ومات ياسر، فخلف على سُميَّة بعده الأزْرَق، غلامٌ رومي للحارث بن كَلَدة الثّقفي، وكان قَيْنًا، وهو ممّن خرج من الطائف إلى رسول الله مع أبي بَكْرة، فأعتقهم رسول الله .

فولدت سُمَيّة للأزرق سَلَمة بن الأزرق، فهو أخو عمار لأمِّه، وكانت سمية ممن تُعَذّب في الله لتَرجعَ عن دِينها فلم ترجع، فمرّ بها أبو جَهْل، فطعنها بَحرْبَةٍ في قُبُلها فماتت، فهي أوّلُ شهيدةٍ في الإسلام، وكانت عجوزًا كبيرة، وقد ذكرناها في السيرة.

قلت: وقد تشتبه أمُّ عمار بسميّة أم زياد بن أبيه من حيث جرى للحارث بن كَلَدة في تزويجها بغُلامه الرومي ذكر، والفرقُ بينهما أن سمية أم عمار كانت في الجاهلية لأبي حذيفة بن المغيرة المخزومي، وسمية أمّ زياد كانت أمَةً للحارث بن كَلَدة المخزومي، وكانت من البغايا بالطّائف، وكان لها رايةٌ مثل رايةِ البيطار تُعرَف بها، وسنذكرها في سنة أربع وأربعين عند استلحاق معاوية زيادًا.

ذكر صِفة عمار:

قال علماء السير: كان شيخًا آدَمَ طُوالًا، أشْهَلَ العَينين، بعيدَ ما بين المَنْكِبَين، ولا يُغيِّر شَيبه.

وروى أبو نعيم، عن خالد بن سُمَيْر قال: كان عمار طويلَ الصّمت، طويل الحُزنِ والكآبة، وكان عامّة كلامه عائذًا بالله من فتتة (١).

قال: وعرضت بعد ذلك فتنةٌ عظيمة.


(١) حلية الأولياء ١/ ١٤٢.