للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: رأيتُ النَّبيَّ في المنام، وهو مريضٌ، وقد مدَّ رِجْله، فجعلتُ أُقبل أخمص قَدَمَيه وأُمرِّغ وجهي عليهما، فحكيت هذا المنام لأبي بكر بن الخاضبة، فقال: أَبْشِر يا أبا القاسم بطُول البقاء، وانتشار الرِّواية عنك لأحاديث رسولِ الله ، فإنَّ تقبيل قدميه اتِّباعٌ لأَثره، وأما مَرَضُه ، فَوَهْنٌ يحدُثُ في الإسلام. فما أتى على هذا إلا قليل حتى استولى الفرنج على بيت المقدس.

وكانت وفاته ليلة الثلاثاء سادس عشرين ذي القَعدة عن اثنتين وثمانين سنة وثلاثة أشهر، ودفن بباب حَرب [في مقام الشهداء] (١)، غربيّ بِشْر الحافي [وهذه المَقْبُرة يسميها أهل بغداد مقابر الشهداء، يزعمون أن فيها قبور قوم شهدوا مع عليٍّ قتل الخوارج بالنّهروان وارتُثُّوا (٢) في الوقعة، فلما رجعوا أدركهم الموت في هذه المقبرة. قال الخطيب: كان حمزة بن محمد بن طاهر ينكر هذا ويقول: لا أصل له (٣).

سمع ابنُ السَّمَرقنْدي من ابن النّقور (٤) وغيره] (١)، وكان يُنشد: [من الطويل]

وأَعجَبُ ما في الأَمرِ أَنْ عِشْتُ بعدهُم … على أنَّهم ما خَلَّفوا فيَّ مِنْ بَطْشِ

الحسام [عمر بن] (٥) عبد العزيز بن مازة (٦)

إمام الحنفية ببخارى، وصَدرُ الإسلام.

كانت له الحُرمة العظيمة، والنعمة الجليلة، والمال الكثير، والتَّصانيف المشهورة، وكان الملوك يَصدُرون عن رأيه.


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) ارتث فلان: حمل من المعركة جريحًا وبه رمق. "معجم متن اللغة": ٢/ ٥٤٦.
(٣) "تاريخ بغداد": ١/ ١٢٦ - ١٢٧، وانظر "المنتظم": ١٠/ ٩٩، وحمزة بن محمد بن طاهر هو الدقاق، محدث، صدوق، توفي سنة (٤٢٤ هـ)، وانظر ترجمته في "تاريخ بغداد": ٨/ ١٨٤ - ١٨٥.
(٤) قال ابن عساكر في "تاريخه": ٢/ ٨١٩: سمعته مرَّة يقول: أنا أبو هريرة في ابن النقور. يعني لكثرة ملازمته له وسماعه منه، فقلَّ جزء قرئ على ابن النقور إلا وقد سمعه منه مرارًا.
(٥) ما بين حاصرتين ليس في (ع) و (ح)، واستدركناه من مصادر ترجمته، وقد جاء اسمه على الصواب عند ابن تغري بردي في "النجوم الزاهرة": ٥/ ٢٦٨، وهو كثير النقل عن سبط ابن الجوزي في "المرآة".
(٦) له ترجمة في "الكامل": ١١/ ٨٦، و"الجواهر المضية": ٢/ ٦٤٩ - ٦٥٠، و"سير أعلام النبلاء": ٢٠/ ٩٧، و"تاج التراجم": ١٦١ - ١٦٢، وفيهما تتمة مصادر ترجمته.