للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما ورد كتابُ مروان إلى ابنِ هبيرة بتجهيز الجيوش إلى نصر بن سيَّار؛ كتب إلى عامرٍ وابنِه داودَ بنِ هُبيرة أن يسيرا إلى قحطبة بن شبيب، فسارا في خمسين ألفًا، فنزلوا بأصبهان في مدينة جيّ، وكان يقال لعسكره: عسكر العساكر؛ لِحُسنه، وقوَّةِ رجاله، وكثرةِ عدده، وسارَ قحطبة في جيوشه، فنزل قريبًا منهم، ثم التَقَوْا وعلى ميمنة قحطبةَ العَكّيُّ، ومعه خالد بن بَرْمَك، وعلى ميسرته عبدُ الحميد بن ربعيّ (١)، ومعه مالك بن طراف (٢)، وقحطبةُ في عشرين ألفًا، وابنُ ضُبارة في مئة ألف، وقيل: في مئة وخمسين ألفًا. فخاف قحطبة ورفعَ مصحفًا على رأس رمح ونادى: يا أهل الشام والعراق (٣)، ندعوكم إلى ما في هذا المصحف. فشتموه وأفحشوا له في القول. فقال قحطبة: الآن تحقَّق البغي، ومَنْ بُغِيَ عليه لينصرنَّه الله (٤). ثم أمرَ أصحابَه أن يحملوا، فحملوا عليهم حملة رجل واحد، فلم يكن بينهم كثير قتالٍ حتَّى انهزمَ أهلُ الشام، وهربَ داودُ بنُ يزيدَ بنِ هُبيرة، فقال ابنُ ضُبارة: لعن الله شَرَّنا مُنْقَلَبًا. وقاتلَ حتَّى قُتل. وقتلَ قحطبةُ أهلَ الشام قتلًا ذريعًا، وأصاب من العُدد والمتاع والأموال والرقيق ما لا يُحصى عددُه، وكتبَ قحطبةُ إلى أبي مسلم بالفتح.

وقيل: كان هذا سنة إحدى وثلاثين ومئة (٥).

[عبد الله بن ذكوان]

أبو الزِّناد، ويُكنى أبا عبد الرحمن، من الطبقة الرابعة من تابعي أهل المدينة، وهو مولى رَمْلَة بنت شيبة بن ربيعة بن عبد شمس، وكانت تحت عثمان بن عفَان رضوان الله عليه (٦).


(١) في (خ) و (د): بن الربيع، والمثبت من "أنساب الأشراف" ٣/ ١٥٢، و"تاريخ" الطبري ٧/ ٤٠٦.
(٢) في "أنساب الأشراف": الطواف، وفي "تاريخ" الطبري: طريف.
(٣) قوله: والعراق، ليس في "تاريخ" الطبري ٧/ ٤٠٦.
(٤) اقتباس من قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ﴾ [الحج: ٦٠].
(٥) أورد الطبري الخبر في "تاريخه" ٧/ ٤٠٥ - ٤٠٦ في أحداث سنة (١٣١). وكذا ابن الأثير في "الكامل" ٥/ ٣٩٨ - ٣٩٩.
(٦) طبقات ابن سعد ٧/ ٥٠٨.