للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأسأل الله بُلوغًا إلى … مرضاته آمين آمينا

قلت: وعلى ما ذكر من مولده ووفاته فقد عاش إحدى وتسعين سنة (١).

[وفيها تُوفِّي]

الحسين بن زكرويه القِرْمِطيُّ

[قد ذكرنا أنَّه استولى على الشَّام بعد أخيه،] ولمَّا قُتل أخوه أقاموه مقامه، فدعا إلى مثل ما كان يدعو إليه أخوه، فأجابه الأعراب وأهلُ البوادي، واشتدَّت شوكتُه، فجاء إلى دمشق، فصالحه أهلُها على مال دفعوه إليه، فانصرف عنهم إلى حمص، فتغلَّب عليها، وخُطب له على منابرها، وتسمَّى بالمهدي، ودخلها بعد أن أمَّنهم، ثمَّ سار إلى المعرَّة وحماة والثغور، فقتل أهلَها، وسبى النِّساءَ والأطفال، ثمَّ جاء إلى بَعْلَبَك فقتل عامَّة أهلها (٢)، ثمَّ صار إلى سَلَمْيَة، فحاربه أهلُها، ومنعوه الدُّخولَ إليهم، فوادعهم وأمَّنهم، ففتحوا له بابها، فدخلها، فبدأ ببني هاشم ممَّن كان بها، فقتلهم أجمعين، ثمَّ ثنّى بأهلها وبصبيان المكاتب والدَّوابِّ والبهائم، فما خرج منها وبها عين تَطْرِف، ثمَّ صار إلى القرى يقتل ويسبي.

قال أبو الحسن المتَطَبِّب: بينا أنا بباب المحوّل ببغداد إذ جاءتني (٣) امرأةٌ بعد ما قُتل الحسين بن زكرويه (٤)، فقالت: أريد أن تُعالج جراحةً في كَتِفي، فقلت: [أنا رجل كحّال، و] ها هنا امرأة تعالج الجراحات، فانتظري مجيئها [فالساعة تجيء، قال:] ورأيتُها مَكروبة، فسألتُها عن سبب جراحها فقالت: قصَّتي طويلة، فقلتُ: حدّثيني فقالت: كان لي ابن فغاب عني مدَّة طويلة، وخلَّف عليَّ أخواتٍ له، فاحتجتُ، فقيل لي: هو بالرَّقَّة، فخرجت خلفَه فلم أجده، ووقعتُ في عسكر القرمطي، وإذا به فيهم، فرآني فعرفني وعرفتُه، فمضى بي إلى منزله، وسألني عن أخواته فأخبرتُه، ثمَّ قال: دعيني من هذا، أخبريني ما دينُك؟ فقلت له: أما تعرفُني؟! فقال: كلُّ ما كنَّا فيه باطل،


(١) في (ف م ١) بعد هذا: انتهت ترجمته والحمد لله وحده وصلى الله على أشرف خلقه محمَّد وآله.
(٢) بعدها في (ف م ١): فلم يجد فيها إلَّا اليسير، وفي الطبري ١٠/ ١٠٠: حتى لم يبق منهم فيما قيل إلَّا اليسير.
(٣) في (ف م ١): وحكي عن متطبب ببغداد بباب المحول يدعى أَبا الحسن قال: جاءتني، والمثبت من (خ).
(٤) في الطبري ١٠/ ١٠٠: بعدما أدخل القرمطي صاحب الشامة وأصحابه بغداد.