[الباب الثاني والعشرون في خلافة المستكفي عبد الله بن المكتفي]
وكنيته أبو القاسم، وأمه أمُّ وَلَدٍ يقال لها: عَبْدَة، مُوَلَّدة، وقيل: رُومية، وقيل: عربية، وقيل: اسمُها غُصْن، لم تُدرك خلافتَه، بويع في يوم خلع ابن عمه المتقي، وعمُره يومئذ إحدى وأربعون سنة وسبعةُ أيام، سنُّ أبي جعفر المنصور لمَّا ولي الخلافة؛ لأنَّه وُلد في صفر سنة ستٍّ وتسعين ومئتين، وقيل: سنة اثنتين وتسعين، وكانت له بيعتان، إحداهما هذه، والثانية ببغداد يوم الاثنين لسبعٍ بقين من صفر، نزل من السِّنْدِيَّة في طَيَّار إلى بغداد، وعلى رأسه توزون وابن شيرزاد، وبويع ببغداد البيعة العامة، وخَلَع على توزون وطَوَّقه وسوَّره، وجعل له كُرسيًّا يجلس عليه.
وكان مَليحَ الوجه، رَبْعةً من الرجال، مُعْتَدِلَ الجسم، أبيضَ مُشربًا بحُمْرة، خفيفَ العارِضَين.
وكان السبب في خلافته: أنَّ بعض الدَّيالمة تزوَّج امرأةً من أهل بغداد، وكان الدَّيلَميُّ خَصِيصًا بتوزون، فقالت له المرأة يومًا: هل لك بشيءٍ تَسْفِر فيه، يكون فيه صلاحُ الأمير وصلاحُك وصلاحُ الأمة، قال: وما هو؟ قالت: هذا الخليفة المتقي قد عاداكم، فتارةً يَستَنصرُ عليكم ببني حَمْدان، وتارةً ببني بُوَيه، وقد اجتهد في بَواركم فلم يتمَّ له ذلك، وها هنا رجلٌ من أولاد الخلفاء، عاقلٌ لَبيبٌ، ومن صفته كذا وكذا، فإن ولَّيتُموه الخلافَةَ يثير لكم أموالًا عظيمةً، وتخلُصون من عدوٍّ تخافونه، فقال لها: من أين لك هذا؟ فقالت: أعرفُ امرأةً تُدبِّر هذا الأمر.
وجاءته بامرأةٍ من أهل شيراز، فكلَّمته بالفارسية والعربية، وعرَّفته أنَّه عبد الله بن المُكْتَفي، وأنَّه يُعطي توزون ستَّ مئة ألف دينار، يُعجِّل له منها بمئتي ألف دينار، ويعطي الرجل مالًا.