للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها عاد ابنُ الصُّوفي (١) من صرخد بأيمان مجير الدين وعهوده، وأقام بداره، وطاب قلبه، ثم استوحش منه، وبلغه عنه ما اقتضى أنَّه هَرَبَ نحو صرخد، فبعثَ الخيلَ في طلبه، فأدركوه، فحبسه في القلعة [واعتقل بها] (٢) اعتقالًا جميلًا، ثم ظهر من أخيه زين الدولة حيدره ما أوجب قَتْلَه، فقتله مجيرُ الدين، وقَتَلَ عطاءَ الخادم.

وحَجَّ بالنَّاس قيماز الأُرْجُواني.

فَصل: وفيها توفي

أحمد بن أبي غالب (٣)

أبو العباس [الورَّاق] (٤) ابن الطَّلَّاية (٥) الزَّاهد، من أهل دار القَزّ.

وُلد بعد الستين وأربع مئة، وقرأ القرآن، وسَمِعَ الحديث وتفقَّه، ولازم مسجده سبعين سنة، لم يخرج منه إلا يوم الجمعة للصَّلاة، وقرأ عليه القرآن عالمٌ كثير، وكان زاهدًا [متقلِّلًا] (٤) في الدنيا، متعبِّدًا، لا يفتر [من العبادة لا] (٤) ليلًا ولا نهارًا حتى انطوى طاقين (٦)، وكان عليه ثوب خام، وعلى رأسه زراغوج (٧)، وتحته بارِيَّة، وعنده


(١) كذا قال، وهو وهم، فالذي عاد إلى دمشق ثم هرب منها هو مجاهد الدين بزان والي صرخد، انظر "ذيل تاريخ دمشق": ٥٠٠، و"كتاب الروضتين": ١/ ٢٩٠.
أما ابن الصوفي فقد عاد إلى دمشق سنة (٥٤٩ هـ)، ومات في داره من مرض ألم به، وسيأتي خبره في حوادثها.
(٢) ما بين حاصرتين زيادة من عندنا يقتضيها السياق.
(٣) له ترجمة في "الأنساب": ٨/ ٣٧٧، و"المنتظم": ١٠/ ١٥٣، و"مناقب الإمام أحمد": ٦٤٠، و"الكامل": ١١/ ١٩٠، و"المستفاد من ذيل تاريخ بغداد": ١٦٦ - ١٦٧، و"الوافي بالوفيات": ٧/ ٢٧٧، و"طبقات الحنابلة": ١/ ٢٢٤، و"العبر" للذهبي: ٤/ ١٢٩ - ١٣٠، و"سير أعلام النبلاء": ٢٠/ ٢٦٠ - ٢٦٣، وفيه تتمة مصادر ترجمته.
(٤) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٥) في "المستفاد"، ويقال: إن والدته كانت تطلي الكاغد عند عمله بالدقيق المعجون بالماء دقيقًا قبل صقله، فاشتهرت بذلك.
(٦) كذا، وهو تعبير عامي ما زال مستعملًا في الشام، يعني: انحنى ظهره انحناء كبيرًا. وفي "المنتظم": ١٠/ ١٥٣: وكان قد انطوى من التعبد حتى كان إذا قام، فرأسه عند ركبتيه.
(٧) اضطربت النسخ في كتابتها، ففي (ع) و (ح) زرافوخ، وفي (م) زراغوج، وقريبًا منها في (ش)، ويبدو أنه نوع من أغطية الرأس، لم أقف على وصف له فيما بين يدي من المصادر.