للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمَّد بن تُكُش خوارَزْم شاه (١)

قصد العراق في أربع مئة ألف، ووصل هَمَذَان يريد بغداد، وقيل: كان معه ست مئة ألف تحت كل جتر ألف، وكان قد أفنى ملوك خراسان وما وراء النهر، وقَتَلَ صاحب سمرقند، وكان حسنَ الصُّورة، أخلى البلاد من الملوك، واستقلَّ بها، وكان ذلك سببًا لهلاكه.

ولما نزل هَمَذَان كان في عساكر سبعون ألفًا من الخطا، فكاتَبَ القُمِّيُّ عساكِرَه، ووعدَهم بالبلاد، فاتفقوا مع الخطأ على قَتْله، وبعث القمي] (٢) إليهم بالأموال والخيول والخِلَع سِرًّا، فكان ذلك سببًا لوَهْنه. ولما علم [خوارزم شاه] (٢) بذلك سار من هَمَذان طالبًا خُراسان، فنزل مرو، والتقى في طريقه الخيل والخِلَع والكُتُبَ المنفَّذة إلى الخطا، فلم يمكنه الرجوع لفساد عسكره، وكان خاله من الخطأ وقد حلَّفوه أن لا يطلعه على ما دَبَّروا عليه، فجاء إليه في الليل، وكَتَبَ في يده صورةَ الحال، ووقف بإزائه، فنظر إلى السطور وفهمها، وهو يقول: خُذْ لنفسك فالسَّاعة تقتل. فقام وخَرَجَ من تحت ذيل الشُّقَّة، ومعه ولداه جلال الدِّين وآخر، فركب، وسار بهما، ولما خرج من الخيمة دَخَلَ الخطا والعساكر من بابها ظَنًّا منهم أَنَّه فيها، فلم يجدوه، فنهبوا الخزائن والخيول والخيام والجواري، فيقال: إنه كان في خزائنه عشرة آلاف ألف دينار، وألفُ حِمْل قُماش أطلس وغيره، وعشرون ألف فرس وبغل، وكان له عشرة آلاف مملوك مثل الملوك، فتمزَّق الجميع ونهب، وأما خوارزم شاه فهرب إلى البحر، وركب في مركب صغير إلى جزيرة، وهرب ولده جلالُ الدِّين إلى الهند ومعه أخوه، وصَعِدَ خوارزم شاه إلى الجزيرة وبها قلعة، فتحصَّن بها، فأدركه الموت دون صعود القلعة، فدفنوه على ساحل البحر، وجاء الخطا، فدلوا عليه، فنبشوه، وقطعوا رأسه،


(١) له ترجمة في "الكامل": ١٢/ ٣٥٨، و"سير أعلام النبلاء": ٢٢/ ١٣٩ - ١٤٣، ووفاته على الصحيح سنة (٦١٧ هـ)، وقد وهم سبط ابن الجوزي في ذكره في وفيات هذه السنة، نبه على ذلك أبو شامة في "المذيل على الروضتين": ١/ ٣٢٨، وقد تابع سبط ابن الجوزي في وهمه ابن تغري بردي في "النجوم الزاهرة": ٦/ ٢٢٤ - ٢٢٥.
(٢) ما بين حاصرتين من (ش).