للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمَّد بن أبي القاسم بن محمَّد، الفخر (١)

أبو عبد الله بن تيمية، الحَرَّاني.

خطيب حَرَّان وفقيهها، وبها ولد، وقدم بغداد، وتفقه، ووعظ، وسَمِعَ الحديث الكثير، وصنَّف الخُطَب والتَّفْسير وغير ذلك، وكان فاضلًا، فصيحًا، أنشد على المنبر: [من السريع]

أحبابَنَا قد نَذَرَتْ مُقْلَتي … ما تلتقي بالنَّوْم أو نلتقي

رِفْقا بقَلْبٍ مُغْرَمٍ واعطُفوا … على سَقَامِ الجَسَدِ المُعْرَقِ

كم تَمْطُلوني بليالي اللِّقا … قد ذَهَبَ العُمْرُ ولم نلتقِ

وقال الجمال بن دبوقة، كاتب الملك الأشرف: كنت بحرَّان سنة مات ابنُ تيمية، فجلس يوم عاشوراء ومدح معاوية بنَ أبي سفيان على المنبر، وبالغ وأطنب، فاختلط على المنبر، ونزل مريضًا، فأقام إلى يوم الخميس خامس صفر يعاني أمراضًا صعبة، ومات فيه، وكان يقول: ما قتلني إلَّا يومُ عاشوراء.

[السنة الثالثة والعشرون وست مئة]

فيها قدم محيي الدِّين بن الجوزي دمشق رسولًا إلى المعظم، ومعه الخِلَعُ لأولاد العادل من الخليفة الظَّاهر، ومضمون رسالته رجوع المعظم عن الخوارزمي.

قال المصنف : قال لي المعظم: قال خالك: المصلحة رجوعك عن هذا الخارجي إلى إخوتك، ونُصْلح بينكم. وكان المعظَّم قد بَعَثَ الرَّكين مملوكه إلى الخوارزمي، فرحَّله من تفليس، وأنزله على خِلاط، والأشرف بحرَّان. قال: فقلتُ لخالك: إذا رجعتُ عن الخوارزمي وقَصَدني إخوتي، تنجدوني؟ قال: نَعَمْ، فقلتُ: ما لكم عادة تنجدون أحدًا، هذه كُتُبُ الخليفة الناصر عندنا، ونحن على دِمْياط، ونحن نكتب نستصرخ به، فيجيء الجواب بأَنْ قد كتبنا إلى ملوك الجزيرة، ولم يفعلوا. قال:


(١) له ترجمة في "التكملة" للمنذري: ٣/ ١٣٨ - ١٣٩، و"المذيل على الروضتين": ١/ ٣٨٢ - ٣٨٣، وفيه تتمة مصادر ترجمته.