للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان يجلس الوُعَّاظ، وكان له تصانيفُ في الوعظ وأشعارٌ، وكان صاحبَ معاملات وكرامات، وأنشد ليلةَ العيد لنفسه: [من مجزوء الرمل]

أنا ما أصنعُ باللَّذَّاتِ … شُغلي بذنوبي

إنَّما العيدُ لِمَنْ فا … زَ بحَظٍّ من حبيبِ

أصبحَ الناسُ على رُوْ … حٍ ورَيحانٍ وطِيبِ

ثمَّ أصبحتُ على نَوْ … حٍ وحُزْنٍ ونحيبِ

فرحوا حين أهلُّوا … شهرَهم بعد المغيب

وهلالي متوارٍ … من ورا حُجْبِ القُلوبِ

فلهذا يا خليلي … قلتُ للذَّاتِ غيبي

وجعلتُ الهمَّ والحُزْ … نَ من الدُّنيا نصيبي

يا حياتي يا مماتي … يا سَقامي يا طبيبي

خُذْ لصَبٍّ يتلظَّى … منكَ من حرِّ اللَّهيبِ

وأنشد: [من السريع]

أحببتُه فردًا لأنَّ الهوى … توحيدُه أحسنُ من شِرْكِهِ

ملكْتَني أحسنَ ملك الهوى … قد يُحسِنُ المولى إلى مِلْكِهِ

فلو أرادَ اللهُ سَتْرَ الهوى … ما سلَّطَ الدمعَ على هَتْكِهِ

إنْ كان لا يُرضيكَ إلَّا دمي … فقَدْ أذنَّا لك في سَفْكِهِ

وكانت وفاته بدمشق في جمادى الأولى، ودُفِنَ بمشهد القدم.

[وفيها تُوفِّي]

علي بن عبد العزيز بن إبراهيم (١)

أبو الحسن، الكاتب، ويُعرف بابن حاجب النعمان، كاتب القادر بالله، ولد في شعبان سنة أربعين وثلاث مئة، وكان أبوه يخدم أبا عمر المُهلَّبي في أيام وزارته، وكتب عليٌّ للطائع لله، ثمَّ للقادر بالله، سنة ست وثمانين وثلاث مئة، فكتب للخليفتين


(١) تاريخ بغداد ١٢/ ٣١، والمنتظم ١٥/ ٢١٠.